أكد آخر سفير تركي في دمشق عمر أنهون، في مقالة نشرتها صحيفة “المجلة” أن الملف السوري تحوّل لـ”حزب العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا إلى عبء.
ووصف أنهون في مقالته الملف السوري بأنه يُعد “أكثر إخفاقات السياسة الخارجية التركية حدة”، مضيفاً أنه “بات الناخبون الأتراك بما في ذلك المؤيدون، ينتقدون سياسات أردوغان بشدة، فكان لزاماً عليه أن يتعامل مع هذه المشكلة”.
ولفت إلى ما كشف عنه الجنرال ماكماستر، أحد مستشاري الأمن القومي للرئيس السابق دونالد ترمب، في مذكراته المنشورة مؤخراً، إذ أكد ماكماستر أن أردوغان وصف الرئيس الأسد خلال مكالمة هاتفية مع دونالد ترمب في تشرين الثاني 2017، بأنه “الفائز الحتمي في الحرب السورية”.
وتابع أنهون أن أردوغان لاحظ بعدما استعادت الحكومة السورية مدينة حلب نهاية عام 2016، أن المعارضة لم تتمكن من تحقيق أهدافه، فسعى إلى وضع سياسة جديدة تجاه سوريا، فأرسل تعليمات إلى جهاز الاستخبارات التركي تقضي بفتح قناة مع الاستخبارات السورية و”بدأت العملية”.
وأضاف أنه “في مرحلة لاحقة، التقى وزيرا الدفاع ووزيرا خارجية البلدين، ولكن الرئيسين لم يلتقيا لأسباب عدة، في مقدمتها أن الحكومة التركية كانت متعجلة لتقديم شيء ملموس للناخبين الأتراك قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية في أيار 2023، لكن المشكلات بين البلدين كانت كثيرة ولم تكن لها حلول، وتبين أن الوقت قصير للغاية”.
مرحلة جديدة من عملية التقارب:
نوّه أنهون، بأن ما يحدث الآن هو مرحلة جديدة من عملية التقارب، موضحاً أنه “منذ شهر أيار 2023 حتى اليوم لم تنقطع الاتصالات تماماً، فقد واصل ضباط الاستخبارات التركية والسورية وآخرون لقاءاتهم، ولكن بوتيرة أقل وعلى نحو حذر”.
وأشار إلى أن تركيا حاولت في هذه الفترة توضيح رؤيتها، وما الذي يمكنها فعله مع سوريا على أرض الواقع، وفي الاجتماع مع المعارضة السورية حاولت إقناعها بأن لا تعارض هذه العملية، لافتاً إلى أن “معظم مجموعات المعارضة تبدي ردود فعل قوية تعارض فيها بشدة التقارب مع دمشق”.
متطلبات المرحلة:
أشار الدبلوماسي التركي السابق إلى أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى متطلبات عدة لإنجاز عملية التقارب بين الجانبين، بعد سنوات من القطيعة تخللتها عمليات عسكرية وتجنيد مجموعات مسلحة عدة ضد الجيش السوري.
وفي هذا الصدد، أشار أنهون إلى أن “التقارب التركي-السوري يتطلب إرادة سياسية وجهداً جدياً في التعامل مع قضايا جوهرية مثل، هل تركيا قادرة على إقناع عشرات الآلاف من أفراد الميليشيات المسلحة المناهضة لدمشق بالاندماج؟”.
وأضاف أن “القضية الأهم لكلا البلدين هي الإرهاب، فأول ما تفكر فيه تركيا ضمن هذا العنوان هو كيفية التعامل مع وحدات حماية الشعب، وما الذي ينبغي فعله إذا استمرت هذه الوحدات في الوجود بشكل مستقل في الأجزاء التي تسيطر عليها حالياً، وتشكل حوالي 25% من سوريا”.
وبخصوص المطلب السوري المتعلق بالانسحاب التركي من الأراضي السورية قال عمر أنهون: “إن المسؤولين الأتراك صرحوا علناً وفي مناسبات عدة أن القوات التركية لن تبقى هناك في نحو دائم”.
وتأتي مقالة آخر سفير تركي في دمشق عمر أنهون في الوقت الذي يجدد فيه المسؤولون الأتراك رغبتهم بعقد لقاء سوري- تركي على مستوى رئيسي البلدين.
وفي تاريخ 15 تموز 2024 أكد الرئيس بشار الأسد في تصريحات صحافية أدلى بها في أن أول سؤال يجب أن نسأله لماذا خرجت العلاقات عن وضعها الطبيعي منذ ثلاثة عشر عاماً؟، لم نسمع أي مسؤول تركي يتحدث عن هذه النقطة بشكل صريح”، مؤكداً أن في الماضي كانت الأمور هادئة، مضيفاً أن “سوريا دائماً متمسكة بما التزمت به منذ أكثر من ربع قرن، بموضوع الأمان على طرفي الحدود ومكافحة الإرهاب”.
يشار إلى أن تركيا شنت خلال سنوات الحرب ثلاث عمليات عسكرية سيطرت إثرهم على مدن عدة شمالي سوريا، وجنّدت لهذا الغرض فصائل مسلحة جمعتهم ضمن تشكيل “الجيش الوطني”.