برزت في الآونة الأخيرة تحركات بالعودة نحو الانفتاح سياسياً باتجاه إيران من بعض دول المنطقة، الأمر الذي يخالف السياسات التي انتهجتها الإدارة الأمريكية على مدار عقود، تجلى ذلك من خلال تقارب خليجي-إيراني إضافة إلى المناورات العسكرية بين كل من روسيا الصين وإيراني، وذلك بالتزامن مع مجموعة العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران، والمحاولات الأمريكية التي تسعى من خلالها إلى وضع إيران في عزلة دولية.
فشل هذا المخطط الأمريكي كان حديث العديد من الصحف الأجنبية:
حيث نشرت “لوفيغارو” الفرنسية
“الإمارات العربية المتحدة ثم المملكة العربية السعودية خففتا من لهجتهما حيال إيران، مفضلين من الآن فصاعداً مقاربة التفاوض مع إيران، لإدراكهم بأنهم سيخسرون الكثير في الصراع مع جارتهم، وفي هذا الإطار باشرت أبو ظبي التواصل سراً مع طهران، كما بعثت الرياض من جانبها برسائل إلى إيران، ثم التقى السعوديون بمسؤولين إيرانيين والهدف هو التحرك نحو معاهدة عدم الاعتداء، وهي الفكرة التي اقترحها الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول الماضي في نيويورك”.
وفي “أوبزيرفر” البريطانية جاء:
“مع حالة الضعف التي أصابت الحلفاء والأصدقاء بسبب السياسة الأمريكية، فإن الدولة الوحيدة التي تريد الولايات إضعافها هي إيران، لكن الأخيرة ظهرت قوية وجريئة، فأٌقصى عقوبات هو مصطلح استخدمته الولايات المتحدة لتقوية وإعادة فرض العقوبات على إيران لشل اقتصادها وإجبارها على التفاوض حول اتفاقية جديدة، لكنها فشلت”.
وفي هذا السياق نشرت “الغارديان” البريطانية:
“ترامب أضعف أصدقاء وحلفاء الولايات المتحدة، والدولة الإقليمية الوحيدة التي ظلت الولايات المتحدة تركز عليها إيران، وبالرغم من سياسة الضغط الأقصى أصبح لديها الآن مجال أكبر للمناورة على المستوى الإقليمي”.
يبدو أن هذه المتغيرات التي تحدث على مستوى المنطقة تجاه إيران قد تغير القاعدة التي تعتمدها الإدارة الأمريكية كسياسة تجاه الدول الأخرى، وهو أن الولايات المتحدة دولة عظمى ويمكنها وحدها أن تتحكم بمصير الشعوب والدول وأن تحقق الهدف الذي تشاء وفي الوقت الذي تشاء، في حين نشهد اليوم أن العديد من الدول بمن فيهم من كان من أقرب الحلفاء لأمريكا بدء فعلياً بمخالفة هذه السياسة وبدء بالتوجه نحو الانفتاح سياسياً نحو مصالحه بعيداً عن المسار الأمريكي.