بعد النشاط اللافت الذي أبداه تنظيم “داعش” في البادية السورية، عبر تنفيذ هجمات متعددة ضد الجيش السوري، نفّذت القوات الروسية والسورية في اليومين الأخيرين استهدافات متعددة لتحركات التنظيم في البادية السورية.
ووفقاً لما أفادت به مصادر “أثر” فإن الجيش السوري نفّذ مساء أمس الأحد، بسلاح المدفعية مواقع لتنظيم “داعش” باتجاه البادية المحيطة بمناجم الملح في ناحية “التبني” بريف دير الزور الغربي، وأوضح قائد الدفاع الوطني بدير الزور فراس جهام، في حديث لـ”أثر” أن “عناصر من تنظيم “داعش” حاولوا التسلل باتجاه نقاط الجيش وتم التصدي لهم بسلاح المدفعية، مضيفاً أن “عناصر التنظيم فروا باتجاه عمق البادية المحيطة بمناجم الملح في التبني بالريف الغربي لدير الزور”.
وقبل هذا الاستهداف بيوم واحد، نقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن مصدر ميداني تأكيده على أن البوارج الروسية التي ترسو قبالة السواحل السورية، أطلقت مجموعة من الصواريخ الدقيقة باتجاه مواقع تابعة لمسلحي تنظيم “داعش” الإرهابي في البادية السورية، موضحاً أن “مواقع التنظيم الإرهابي، التي تم استهدافها تقع بين باديتي حمص وحماة”، مشيراً إلى أنه “بناء على معلومات استخبارية دقيقة متقاطعة مع عمليات استطلاع واسعة أجرتها القوات الجوية الروسية، تم تدمير أحد مقرات تنظيم داعش بين باديتي حماة وحمص، بعد منتصف ليلة السبت”.
ونفّذ تنظيم “داعش” خلال الشهر الأخير هجمات متعددة ضد الجيش السوري ومراكز تجمع للمدنيين، وكان أبرزها الهجوم الذي حصل بتاريخ 10 آب الجاري واستهدف 3 حافلات مبيت تعود للفرقة 17 في الجيش السوري، على طريق المحطة الثانية جنوب شرق دير الزور.
وفي 7 آب الجاري استهدف مسلحو التنظيم حاجزاً للجيش السوري في بلدة معدان عتيق في ريف الرقة الشرقي، ما أودى بحياة وأصاب عدد من عناصر الجيش، إلى جانب التفجيران اللذين تبناهما التنظيم في منطقتي “السيدة زينب وضاحية يوسف العظمة” بريف دمشق.
وحول أسباب زيادة هجمات تنظيم “داعش” في سوريا، لفت تحليل نشرته صحيفة “نيزافيستيا غازيتا” الروسية إلى أن “المحللون مقتنعون بأن تنظيم الدولة، عبر هجماته المتزايدة، يريد اختبار مدى يقظة اللاعبين الرئيسيين المتورطين في سوريا” مضيفة أنه “ورد في تحليلات تموز لمجموعة الأزمات الدولية، فإن فائدة الجماعات المتمردة التي اعتمدت عليها واشنطن في القتال ضد داعش تراجعت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، والحديث يدور بالدرجة الأولى، عن مجموعات مدربة تدريباً خاصاً في التنف، وهذا يقلل من دافع الأمريكيين لمغادرة هذه المنطقة الجنوبية الشرقية، بحسب خبراء مجموعة الأزمات الدولية، في الوقت نفسه، لا يمكن للجهاديين تجاهل التوترات المتصاعدة بين روسيا والولايات المتحدة، حول بروتوكولات تفادي الاحتكاك، والتي أصبحت حلقاتها، كثيرة جداً، ويقول محللون إن هذا يزيد من رغبة الجماعة الإرهابية في اختبار قدراتها مرة أخرى”.
وفي السياق ذاته نقلت صحيفة “الإندبندنت عربي” عن المتخصص في شؤون السياسة الخارجية السورية محمد هويدي، قوله: “إن توقيت هجمات داعش بالغ الحساسية وحرج جداً لكل الأطراف العسكرية على الأراضي السورية”، مضيفاً أنه “باتت الخيارات ضيقة أمام جميع الأطراف، حيث لا أفق لحل سياسي، بينما يعمل كل طرف على مشروعه في سوريا، فهناك مشروع أمريكي لقطع طريق طهران بغداد دمشق بيروت، ووصل منطقة البوكمال مع منطقة الـ55 كيلومتراً”.
وتأتي هذه الهجمات وسط تساؤلات حول الدور الأمريكي الذي يبرر وجوده باستمرار في سوريا بمحاربة تنظيم “داعش”، كما تزامن هذا التصعيد من قبل التنظيم مع حديث يدور في الأوساط السياسية الأمريكية حول مبرر وجود قوات بلادهم في سوريا وسط تراجع حضور “داعش” فيها، وفي هذا السياق قال مساعد مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية سابقاً بول بيلار، في لقاء مع قناة “الحرة” الأمريكية: “قد نختلف حول ما يفعله 900 عنصر من الجنود الأمريكيين، فالمهمة الأولى هي داعش، لكن هذا الأخير في حالة تشرذم وفقد أراضيه” بدوره، قال ضابط دفاع جوي سابق في الجيش الأمريكي جيف لامير، في مقال نشرته مجلة “ميلتري” الأمريكية: “إن تبرير بقاء القوات الأمريكية بذريعة مكافحة الإرهاب والذي شكل الأساس السياسي والقانوني للبقاء في سوريا أصبحت ضعيفة الآن، بعد ضياع الأراضي التي كان يسيطر عليها تنظيم الدولة داعش”، مضيفاً أن “التنظيم يفتقر الآن إلى أي وجود كبير بما يكفي لتبرير أي قوات أمريكية محلية، ناهيك عن 900 جندي يحتلون شرقي سوريا حالياً، لافتاً إلى أن مزيداً من التصعيد مع أي من البلدين يهدد تعريض هذه القوات الأمريكية للخطر”.