أثر برس

لهذه الأسباب لن تسمح الصين بانهيار الاقتصاد في سورية

by Athr Press R

على مدار 9 سنوات فشلت الولايات المتحدة في إسقاط الدولة السورية عسكرياً عن طريق دعم المعارضة المسلحة، لتبدأ اليوم باللجوء إلى طرق أخرى بعيدة عن النيران عبر زيادة الضغط الشعبي على الدولة السورية من خلال استهداف الليرة السورية والاقتصاد في سورية.

لم يجد المبعوث الأمريكي إلى سورية قبل أيام أي حرج في الحديث علانية عن أن تراجع سعر صرف الليرة السورية يعود سببه إلى الإجراءات الأمريكية المفروضة على سورية، عندما قال: “انهيار العملة السورية هو بسبب إجراءاتنا”، ليضع المشهد في خانة الحرب الاقتصادية المباشرة على الدولة السورية بهدف تغيير سياستها أو إسقاطها، وتلك الحرب لا تشمل سورية فقط بل حلفاءها أيضاً الذين قدموا الدعم المالي والعسكري لها طوال سنوات.

خلال سنوات الحرب تلقت سورية دعم عسكري وسياسي من حلفاءها المتمثلين بروسيا والصين وإيران ما خفف من وطأة الهجمة السياسية والعسكرية (عن طريق المجموعات المسلحة) على الدولة السورية وتخلل تلك السنوات مساعدات سياسية باستخدام الصين، إلى جانب روسيا، مراراً حق النقض (الفيتو) ضد قرارات مجلس الأمن الدولي بشن ضربات عسكرية على سورية، ما يشير إلى موقع الدولة السورية كعقدة في هيكلية القوى العالمية وكيفية انتشارها وتأثيرها، وهنا يطرح تساؤل ملفت هو: من تدخل عسكرياً لمنع انهيار الدولة السورية هل سيسمح بانهيارها اقتصادياً؟

مما لا شك فيه بأن حلفاء سورية الذين دخلوا بحرب عسكرية مدتها 9 سنوات لن يتخلوا عنها في أزمتها الاقتصادية الحالية وذلك للعديد من الأسباب التي يطول شرحها وترتبط بكيفية توزع قوى الدول العظمى في العالم، لكن قد يرى البعض بأن روسيا وإيران غير قادرتين على تحمل الأعباء الاقتصادية للعقوبات على سورية، لكن ماذا عن الصين؟

يرى العديد من المراقبين بأن الصين قد تكون الخيار الأمثل لكسر “قانون قيصر” فكل المعطيات تشير إلى أنه من غير الممكن أن تقبل الصين بالهيمنة الأمريكية على سورية خصوصاً في ظل التوتر الحاصل بين الصين والولايات المتحدة بسبب الحرب التجارية القائمة بينها والخلافات الحاصلة بسبب فيروس كورونا.

لماذا لا يمكن أن تتخلى بكين عن دمشق؟

يتعدى الموضوع حدود التوافقات السياسية بين الدولة السورية والصين ليصل إلى حدود الخطة الصينية التي تعتبر من أهم الخطط التجارية والسياسية والمعروفة بخطة “الحزام والطريق” والتي طرحها الرئيس الصيني عام 2013 وتهدف إلى بناء تحالفات تجارية تربط آسيا بأوروبا وإفريقيا عبر تفعيل طريق الحرير التاريخي، وهو ما يضرب صلب الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط وتعتبر سورية أهم محطاتها، إذ أن العديد من التقارير الغربية قد أكدت أن هناك خطط لإدراج سورية في عدد كبير من خطوط السكك الحديدية التي تبنيها الصين في المنطقة باسم المبادرة، وهذا الموضوع مرتبط بالدولة السورية الحالية ومما لا شك فيه بأن انهيار الدولة السورية الحالية بالعقوبات الأمريكية سيؤدي إلى وصول شخصيات تابعة للولايات الأمريكية إلى السلطة في سورية وهو ما لن تسمح به الصين.

التوافق الآيديولوجي بين بكين ودمشق

قد تكون مبادرة الحزام والطريق هي من أهم الأسباب التي ستدفع الصين لمنع الانهيار الاقتصادي في سورية لكن هناك أسباب أخرى أيضاً تظهر مدى الارتباط بين الصين وسورية فقد دعمت الصين الدولة السورية على مدى السنوات نتيجة تماهي الصين مع توجهات الدولة السورية بما يتعلق بمحاربة الإرهاب وعدم التدخل بشؤون الدول وفي هذا الشأن وخصوصاً ملف الإيغور وهم متشددين صينين قدموا إلى سورية للقتال إلى جانب تنظيمي “جبهة النصرة” و”داعش” ناهيك عن القناعة الصينية الكاملة بسلوك الدولة السورية تجاه التنظيمات الإرهابية فيها.

الموانئ الصينية في فلسطين المحتلة بخطر

الموانئ الصينية في حيفا وعسقلان في فلسطين المحتلة غير مستقرة بسبب التوتر القائم بين بكين وواشنطن وكان قد قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في مقابلة أثناء زيارته للقدس في 14 أيار فائت: “نحن لا نريد أن يتمكن الحزب الشيوعي الصيني من الوصول إلى البنية التحتية الإسرائيلية، وأنظمة الاتصالات الإسرائيلية، وكل الأشياء التي تعرض المواطنين الإسرائيليين للخطر”، وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، رفض الكيان الإسرائيلي عقداً بقيمة 1.5 مليار دولار للصين لبناء محطة للطاقة، مما لا شك فيه بأن الوضع المتأرجح للموانئ الصينية في شرق المتوسط، سيدفعها للحفاظ على شريكها الاستراتيجي في دمشق وهو ما يضع فكرة قبول الانهيار السوري ضمن إطار الرفض بالنسبة لبكين.

لا ندري ما يدور في الأروقة الدبلوماسية بين سورية وحلفائها وعلى رأسهم الصين في الوقت الحالي لكن مما لا شك فيه أن الدولة السورية الحالية منسوجة في عمق النظام السياسي العالمي ومن غير الممكن تغير هذا المشهد بما يتناسب مع الأولويات الأمريكية لأن الولايات المتحدة لم تعد سيدة العالم كما كانت.

رضا توتنجي

أثر برس

 

اقرأ أيضاً