لا يزال الحديث يدور حول القرار الأمريكي بالانسحاب من سوريا، بالرغم من أنه دخل يوم الجمعة الفائت حيز التنفيذ، بعدما أكد “البنتاغون” أن الولايات المتحدة بدأت بسحب معداتها من سوريا، أي أن ما قاله وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم، سابقاً حصل، حيث أكد أن القوات الأمريكية في النهاية ستخرج من سوريا.
هذا الانسحاب كان خطوة عملية من الإدارة الأمريكية أكدت أن جميع التصريحات التي كانت توحي بوجود احتمال للتراجع عن هذا القرار أو الإبطاء بتنفيذه كانت مجرد أقاويل لامتصاص غضب بعض حلفاء الولايات المتحدة.
وحول العلاقات التركية-الأمريكية في ظل هذا الانسحاب، سعى وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، خلال مؤتمره الصحفي في القاهرة لطمأنة أنقرة بتأكيده على أن الأخيرة من حقها أن تتخوف من وجود “الوحدات الكردية” في شرق الفرات “حسب تعبيره”، وذلك بعدما توترت الأجواء بين البلدين بسبب تصريح المستشار الأمريكي جون بولتون، الذي شدد على ضرورة حماية الأكراد، والذي رفض على إثره الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لقاءه في أنقرة خلال زيارته إلى تركيا، وفقاً لما أكدته وكالة “الأناضول” التركية.
بغض النظر عن التفاوت المعتاد بين تصريحات المسؤولين الأمريكيين، إلا أن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، رحب بتصريح بومبيو، وشدد على رغبة بلاده بشن عملية عسكرية في أراضي شرق الفرات السورية بذريعة محاربة الأكراد، واعتبره بمثابة ضوء أخضر جديد من واشنطن لشن هذه العملية.
لكن تركيا لن تستطيع شن معركة في منطقة بدأت تدريجياً تعود إلى الدولة السورية نتيجة المحادثات المستمرة بين الأكراد والدولة، وحول احتمال أن تنسق تركيا مع الدولة السورية لشن هذه العملية فهو أمر حسمه وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم، سابقاً حيث أكد خلال مقابلة أجراها مع قناة “روسيا اليوم” أن الدولة السورية لا يمكن أن تتشارك بأي عمل عسكري في سوريا مع دولة أجنبية يفتقد وجودها للشرعية مثل تركيا، وعند النظرإلى أرض الواقع نجد أن أنقرة لم تتخذ أي إجراء على الأرض بخصوص عملية شرق الفرات، وتكتفي فقط بالتصريحات والتهديدات من قبل المسؤولين الأتراك، ما يشير إلى أنه على تركيا أن تخفف من تفاؤلها بالانسحاب الأمريكي من سوريا.
منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قرار الانسحاب، بدأت التحليلات والتخمينات تنتشر بين المحللين والمسؤولين، مؤكدين من خلالها على وجود خلفيات وخطوات ومشاريع وراء هذا القرار المفاجئ، لكن النتائج التي ظهرت بعده كانت معاكسة تماماً لهذه اللتحليلات، إذ انتشرت حالة من التوتر والفوضى في “الأوساط الإسرائيلية” وبعض المسؤولين الأمريكيين بدؤوا بتقديم استقالاتهم، والأكراد أدركوا أن واشنطن تخلت عنهم وبدؤوا بالحديث عن العودة إلى الدولة السورية، الأمر الذي أفقد تركيا القدرة على الاقتراب من شرق الفرات، إضافة إلى التغير المفاجئ في موقف الدول الخليجية تجاه سوريا، حيث قررت عدة دول خليجية إعادة تفعيل علاقاتها مع الدولة السورية.