أشارت التصريحات الأخيرة التي أصدرها مسؤولون أتراك وسوريون وروس، إلى وجود أجواء إيجابية في مسار التقارب السوري- التركي، إذ لفت وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في مقابلة متلفزة إلى “أن الأتراك مستعدون للانسحاب من سوريا”.
وفي هذا الصدد لفتت صحيفة “الشرق الأوسط” في تقرير لها إلى أنه “على مدى الساعات الأخيرة تصاعد زخم التصريحات حول العودة إلى صيغة أستانا التي كانت إطاراً لمحادثات التطبيع بين أنقرة ودمشق، التي توقفت عند الجولة 21 من محادثات الحل السياسي للأزمة السورية في أستانا، حزيران 2023”.
ووفق التحليلات فإن الذي نشّط التصريحات التركية والروسية في الآونة الأخيرة هو تصريح الرئيس بشار الأسد الذي أدلى به في خطاب أمام مجلس الشعب، وقال فيه: “استعادة العلاقات الطبيعية مع تركيا كنتيجة للانسحاب والقضاء على الإرهاب، نحن لم نرسل قوات لكي تحتل أراضي في بلد جار، ولم ندعم الإرهاب لكي يقوم بقتل شعب جار، وأول الحل هو المصارحة لا المجاملة، هو تحديد موقع الخطأ لا المكابرة”، مضيفاً أن “ما يصرح به بعض المسؤولين الأتراك بأن سوريا قالت إن لم يحصل الانسحاب لن نلتقي مع الأتراك غير صحيح، المهم أن تكون لدينا أهداف واضحة وأن نعرف كيف نسير باتجاه هذه الأهداف”.
وتعقيباً على تصريح الرئيس الأسد، أشار الكاتب والصحافي السوري عبد الحميد توفيق، في لقاء صحافي مع تلفزيون “المشهد” إلى أن هذا التصريح يشير إلى وجود مرونة في الموقف السوري، إذ قال: “يبدو أن هناك عوامل أثرت في هذا المشهد وأثرت في الموقف السوري باتجاه تليينه والعمل لتذليل العقبات السابقة وأعتقد أن الموقف الروسي له دور في هذا الاتجاه وكذلك دخول بغداد على خط هذه المسألة بعد أن توطدت العلاقة التركية العراقية بعد زيارة أردوغان وتوقيع عشرات الاتفاقيات مع حكومة بغداد وكذلك مع إقليم كردستان أعتقد أن هذه المسألة أدت إلى التأثير في الجانب السوري فيما يتعلق بمناخه الإيجابي الذي أشاعته هذه العلاقات”.
من جانبه، لفت الكاتب التركي ندرت أرسنال، في مقالة نشرتها صحيفة “يني شفق” التركية وترجمها موقع “ترك برس” إلى أنه “في نهاية المطاف، فتح الرئيس بشار الأسد باباً للحوار”، مشيراً إلى أن “عودة العلاقات إلى طبيعتها تتطلب عكس السياسات التي أدت إلى الوضع الحالي، مثل انسحاب القوات التركية من الأراضي السورية ووقف الدعم للمجموعات الإرهابية، ومع ذلك، هذا ليس شرطاً مسبقاً لبدء المحادثات، فليس صحيحاً القول إننا لن نبدأ محادثات ما لم تسحب تركيا قواتها” مؤكداً أن “تركيا ترغب في التطبيع وستواصل مساعيها في هذا الاتجاه”.
وفي صحيفة “رأي اليوم” أشار الكاتب خالد الجيوسي إلى أن “الكرة الآن في ملعب تركيا، إذ تبدو سوريا غير معنية بتقديم أي تنازلات، سوى أنها فتحت الباب للحوار، ولو يراه البعض مُوارباً، مع إصرارها على العنوان العريض الأبرز، الانسحاب التركي من أراضيها، أمّا فيما يتعلّق بشروط أنقرة التي تظهر بين الحين والآخر، وهي تطهير سوريا من العناصر الإرهابية حفاظًا على سلامة أراضيها، والثاني تحقيق سوريا مصالحة وطنية حقيقية مع شعبها في إطار القرار الدولي 2254، والعودة إلى المفاوضات الدستورية، والتوصل إلى اتفاق مع المعارضة، فلعلّ تصريحات الرئيس الأسد أمام مجلس الشعب ترد عليها بالرفض المُطلق حين قال: “نحن لم نحتل أراضي بلد جار لننسحب، ولم ندعم الإرهاب كي نتوقف عن الدعم، والحل هو المصارحة وتحديد موقع الخلل لا المُكابرة”.
يشار إلى أن النشاط عاد إلى ملف التقارب السوري- التركي في حزيران الفائت، عندما أعرب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عن أمله بإعادة العلاقات بين سوريا وتركيا كما كانت عليه في الماضي، وتوالت فيما بعد التصريحات التركية التي أشارت إلى وجود رغبة تركية جدية بالتقرّب من سوريا، بينما قال الرئيس الأسد في تصريحات صحافية أدلى بها في تاريخ 15 تموز الفائت: “الأمر ليس بحاجة إلى تكتكات وبهلوانيات سياسية ولا إعلامية، هذه العلاقة طبيعية وسنصل إليها، والأصدقاء يدعمون هذا الشيء”، مضيفاً أنه “لم تُقدم لنا أي ضمانات، لذلك نحن نسير بشكل إيجابي ولكن استناداً إلى مبادئ واضحة هي القانون الدولي والسيادة هذا واضح”.