جرت مجموعة أحداث في سوريا خلال اليومين الماضيين، كان أبرزها إعلان السعودية عن دفع مبلغ 100 مليون دولار أمريكي لـ”التحالف الدولي” في الرقة، إضافة إلى الإعلان عن تدريبات عسكرية مشتركة بين أمريكا وتركيا في منبج شمالي سوريا، وغيرها من الأحداث التي تتزامن مع اقتراب بدء معركةإدلب والتي ربما ستمتد إلى الشمال السوري.
والصحف العربية والعالمية اهتمت بالموقف الأمريكي حصراً مما يجري، حيث سلطت صحيفة “رأي اليوم” اللندنية على الانصياع السعودي لأمريكا في سوريا، فقالت:
“السعودية تتعرض لاستعباط أمريكي متواصل، وزير الخارجية مايك بومبيو، قرر تعليق صرف المبلغ، الذي كان مخصصاً لإعادة الاستقرار في المناطق المحررة من سيطرة تنظيم داعش، وتوجيهه إلى أهداف أخرى لم يتم تحديدها.. سياسة حلب البقرة مستمرة ، والرياض لن تفتح فمها وتسأل أين صرفتم المال ، لأنها خارجه للتو من مجزرة أطفال مروعة في صعدة ، وتحتاج إلى الغطاء الأمريكي للإفلات من موجة السخط للمنظمات الدولية ، والاستمرار في الحرب هناك .. في سوريا ستميل الرياض مع الريح الأمريكية تصعيدياً أو تفاهماً أو اتفاق”.
أما صحيفة “روناهي” الكردية فتناولت مستقبل الوجود التركي في سوريا بفعل القرارات الأمريكية، إذ ورد فيها:
“واشنطن أفهمتِ المسلحين في درعا أنه لا سبيلَ لدعمهم، فإنّ كانت اللعبة في المنطقة هي لعبة الدومينو فلعبة ترامب هي قلب الطاولة بما عليها، كما أن العقوبات التي فرضها ترامب على تركيا سلاحٌ فعّال لكنه مشروطٌ بإلزام الفريق المقابل بجملةِ شروطٍ، وإذا كان الانسحابُ من سوريا أو تقنينُ الوجودِ العسكريّ فيها أحدَ الشروط، فهذا يعني بدء الفصل الأخير من الحرب السوريّة لحصد النتائج”.
بينما صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية كان لها رأي مختلف، عبرت عنه بقولها:
“إن أنقرة ربما تتقارب مع روسيا خصوصاً في سوريا التي ظل هدفها الاستراتيجي منذ مدة طويلة دق إسفين بين تركيا وحلف الناتو خاصة مع واشنطن… المصالح الأميركية يمكن تحقيقها بشكل أفضل بالتعاون مع أحد الحلفاء بالناتو المجاور لكل من سوريا والعراق وإيران”.
القوات السورية لم تكترث للطلب الأمريكي بعدم شن معركة جنوبي سوريا، فأوقفت واشنطن دعمها لفصائل الجنوب لأن نهايتهم باتت معروفة، و”قوات سوريا الديمقراطية” المدعومة أمريكياً عبروا عن رغبتهم بالانضمام للقوات السورية، فزادت واشنطن من دعمها العسكري لهم وأكدت لهم عن عدم استياءها من حوارات “قسد” مع الحكومة السورية، والآن تحاول بالرغم من الأزمة بينها وبين تركيا الحفاظ على علاقتها بها في سوريا في ظل التقرّب الذي تبديه أنقرة من موسكو، حيث تخشى واشنطن باستمرار من اقتراب الأخيرة من حلف “الناتو”، هذه المعطيات مجتمعة تؤكد أن أمريكا بدأت تخسر أوراقها شيئاً فشيئاً، فلم تعد هي من تحرك المنطقة بل باتت المتغيرات على مستوى المنطقة هو من يحرك وإن كانت مصرة على إخفاء هذه الحقيقة، من خلال التخفي بقناع العفوية بقراراتها.