أكد السفير الروسي في سوريا ألكسندر يفيموف، أن العلاقات بين سوريا وروسيا تتسم بالمنفعة المتبادلة، مشيراً إلى أنه بعد مرور 80 عاماً على تأسيس الشراكة بين البلدين، ارتقت العلاقات السورية- الروسية إلى مستوى جديد.
وقال يفيموف، في مقابلة تلفزيونية أجراها مع قناة “روسيا اليوم” بمناسبة اقتراب الذكرى الثمانين لتأسيس العلاقات بين البلدين: “في 21 تموز تم توقيع اتفاقية تأسيس العلاقات الدبلوماسية وكان ذلك قبيل انتهاء الانتداب الفرنسي على سوريا في عام 1946”.
وأضاف “الآن أستطيع القول إن علاقاتنا ارتقت إلى مستوى جديد وأصبحت هذه العلاقات شراكة استراتيجية متبادلة المنفعة، وندعم بعضنا البعض في الساحة الدولية ولا أعتقد أن هناك أي مشكلة أو قضية ستفصلنا”.
وأشار يفيموف، إلى أنه سبق أن عمل سفيراً لدى سوريا في تسعينيات القرن الماضي، إذ قال: “في التسعينات قضيت نحو 4 سنوات في هذا المبنى (السفارة الروسية في سوريا)” مضيفاً “عملت في عدد من البلدان العربية ويمكنني تأكيد أن السوريين هم الأقرب لنا بين العرب”.
الحضور الروسي في سوريا بعد الحرب:
أكد يفيموف، أنه بعد بدء الحرب في سوريا قررت السلطات الروسية مساعدة دمشق في الحرب وقال: “قبل تسع سنوات عندما كانت سوريا تواجه محنة كبيرة وكان الإرهاب الدولي قد اجتاح وأتى إلى هذه الأرض، وسيطر على عدد من المحافظات بما في ذلك بعض مناطق العاصمة عندها قررت القيادة الروسية تقديم المساعدة للجمهورية السورية”، موضحاً أنه خلال فترة الحرب تعرضت السفارة الروسية إلى استهدافات شبه يومية بقذائف الهاون.
إعاد الإعمار في سوريا:
أكد السفير الروسي في دمشق، أن الحرب في سوريا لم تنتهِ بعد، وبالتالي فإنه لا يمكن حالياً الحديث عن إعادة الإعمار، وأوضح قائلاً: “لن أتحدث الآن عن إعادة الإعمار الكامل لأنها هذا ببساطة غير ممكن حالياً، أولاً وقبل كل شيء الحرب لم تنته بعد” مبيناً أن “الحرب لا تزال مستمرة، إذ ينفذ جنودنا بالتعاون مع الجيش السوري عمليات يومية لتعقب الإرهابيين وتدمير مواقعهم وما إلى ذلك، بالإضافة إلى الوجود العسكري الأجنبي هنا”.
التعاون الاقتصادي والتجاري:
أشار يفميوف، إلى أن الشركات الروسية استمرت بالعمل في سوريا، موضحاً أن هذه الشركات تشمل “الشركات العاملة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، مثل النفط والغاز وإنتاج الأسمدة والبنية التحتية للموانئ وإخراج الأسمدة والفوسفات” مضيفاً أنه “في هذا العام نختتم مشروعين كبيرين أحدهما مطحنة بطاقة إنتاجية تصل إلى 600 طن يومياً، وآخر مشروع ضخم ومهم جداً للشعب السوري وهو تزويد اللاذقية بالمياه”.
ونوّه إلى أنه في تشرين الثاني 2023 “وقّعنا اتفاقية لتعميق التعاون التجاري والاقتصادي، وتضمنت الاتفاقية قائمة بمشاريع محددة” مشيراً إلى أنه “مع ذلك للأسف، تواجهنا عقبات كبيرة تتمثل بالعقوبات الجائرة الأحادية المفروضة من الغرب والأطراف الأوروبية والغربية التي تعرقل العمليات الاقتصادية بشكل كامل بما في ذلك الشركات الروسية، والأمر الأهم هو أن حقول النفط والغاز الرئيسية تقع خارج نطاق سيطرة الحكومة حالياً”.
وأضاف أن “قبل الحرب كانت سوريا دولة مكتفية ذاتياً تماماً ولم تكن تحتاج إلى استيراد النفط والغاز أو حتى القمح والحبوب، إذ كانت نتنج كميات كافية للاستهلاك المحلي الآن ومع غياب السيطرة الحكومية على هذه الموارد تتضاءل الفرص لتنفيذ مشاريع إعادة إعمار كبيرة”.
وبيّن يفيموف، أن نسب التبادل التجاري بين روسيا وسوريا وصلت عام 2022 إلى نسب منتظمة، وعام 2023 تراجعت قليلاً، موضحاً أنه في الربع الأول من عام 2024 شهدت ارتفاعاً بنسبة 40%، مضيفاً أن “الأرقام المتعلقة بزيادة الصادرات السورية إلى روسيا مثيرة للإعجاب إذ تضاعفت أربع مرات خلال السنوات الخمس الأخيرة، وتشمل هذه الصادرات بصورة رئيسية الفواكه وزيت الزيتون والمكسرات ويجري العمل أيضاً في إطار الاتحاد الاقتصادي الأوراسي لتوفير تعريفات تفضيلية للصادرات السورية إلى أعضائه، ليست فقط إلى روسيا وإنما أيضاً إلى الدول الأعضاء في الاتحاد”.
ونوّه السفير الروسي إلى العلاقات الاجتماعية التي تربط بين الروس والسوريين، إذ قال: “هناك الكثير من نسائنا متزوجات بسوريين وهناك أطفال مشتركون، وإذا أحصينا العديد سيكون عدة مئات من الآلاف، واختيار السوريين للزواج من نسائنا يظهر قرب الطباع بيننا ونحن سعداء بذلك وباستمرار هذه الروابط”.
يشار إلى أنه عام 2015 أنشأت القوات الروسية قاعدة حميميم في طرطوس، وعملت على توسيع أحد مدرجاتها عام 2021، وفي وقت سابق نقلت صحيفة “كومير سانت” الروسية عن مجموعة من الخبراء، تأكيدهم على أن روسيا لا يمكن أن تخفف وجودها في سوريا، لافتين إلى أن السياسة الروسية في سوريا تعد بالنسبة لموسكو أحد العناصر المفصلية في تشكيل الاستراتيجية الروسية في الشرق الأوسط، وأوضح في هذا الصدد مدير مركز الدراسات العربية والإسلامية بمعهد الدراسات الشرقية التابع لأكاديمية العلوم الروسية، فاسيلي كوزنتسوف، أن “سياسة موسكو تجاه سوريا أحد العناصر المفصلية في تشكيل الاستراتيجية الروسية نحو الشرق الأوسط”.