خاص|| أثر برس “المهنة أحسن للمستقبل” بهذه العبارة وصف العم (أبو زياد) واقع المهن لـ”أثر”، مبيناً أنه يستغل العطلة الصيفية ليضع ابنه ذا الـ 13 عاماً (صف سابع) في ورشة خياطة، لكي يتقن مهنة الخياطة.
وبيّن أن المهنة اليوم هي أفضل من أي عمل في الشهادات نتيجة تغيير الأوضاع والظروف المعيشية، مضيفاً: “وبالنظر إلى الواقع الحالي فأي شاب يعمل بشهادته في الصباح، وفي المساء يعمل بمهنة أخرى كونها تأمن له مردود مالي أعلى”.
كما قال الشاب (سليم) يعمل في مهنة إصلاح السيارات بحي البرامكة في دمشق لـ “أثر”: “في ظل الغلاء المعيشي أصبحت مهنة الميكانيكي حلمي الذي أسعى من أجله لأن مردودها المالي جيد لكل من يتقنها”، مبيناً أنه “بدأ في هذه المهنة عندما كان عمره 12 عاماً أي قبل خمس سنوات من اليوم، وتصل أجرته اليومية إلى 100 ألف ل.س دون (إكراميات الزبائن)”.
وتابع أنه بعد انتهاء امتحاناته المدرسية يتوجه على الفور للعمل، لافتاً إلى أنه “بعد انتهائه من الصف الثالث الثانوي سيبدأ بمشروعه الخاص لإصلاح السيارات، لكونها “تدر ذهباً”، بحسب تعبيره.
بدوره، الشاب (عامر) يعمل في مهنة النِجارة في مدينة داريا بريف دمشق، أوضح لـ”أثر” أنه ينتظر حصوله على شهادة التعليم الثانوي ليكمل عمله في هذه المهنة لأن مردودها المادي جيد، مشيراً إلى أنه “يتقاضى يومياً 75 ألف ل.س وهو ما زال عاملاً بأحد الورشات، وسيتخذها مهنةً له بدلاً من دخوله للجامعة، وذلك لينفق على والديه”.
وفي ذات السياق، أكدت الإخصائية النفسية علا جبور لـ”أثر” أن العمل هو الجزء الأكبر الذي يوفر متطلبات الحياة ويمنح الإنسان ثقة وأمان للمستقبل، وفي ظل زيادة البطالة للكبار، وعدم قدرة العائلة على تأمين احتياجات أبنائها، وضيق أفق العيش اتجه الكثير منهم للبحث عن مهن لأبنائهم لها مردود مادي جيد، ما أدى إلى تحول أحلامهم من الجامعات إلى المهن، لافتةً إلى أن “فكرة استثمار مهارات الشباب وطاقتهم تجسدت في انتشار مقولة (الشهادة ما بطعمي خبز)”.
وتابعت: “بسبب الحاجة إلى الكسب السريع وتحول الحياة في مجتمعنا إلى استهلاكية، ولأن التحصيل الدراسي لا يعطي الخبرة العملية لكون معظم المعلومات في مناهجنا نظرية، ولا يكسب مردود مالي جيد، بالإضافة إلى الظروف التي يعاني منها الطالب والمدرس ضمن قطاع التعليم، هذا كله أدى إلى تولد ضغط متراكم والذي بدوره خلق بيئة تعليمية عدائية، فأصبح هنالك عائق نفسي أمام الرغبة في التعليم والتعلم”.
وهنا، نوهت جبور إلى أنه يجب التحدث عن المرحلة التي يمر بها المراهق والشباب بشكل عام حيث أن هنالك رغبة في تكوين الشخصية والحضور الاجتماعي، وإثبات الذات، والترحيب والمشاركة في أن يكون شخص ذات قيمة، وبمثل هذه الظروف يشعر الشاب بالقهر الاجتماعي أمام عجز الأهل وضيق العيش، ليجد نفسه أمام تحدٍ ليصبح منتج ويكون هو المنقذ الوحيد لأسرته.
كما أوضحت أن أخطار العمل كثيرة وتولد عادات عديدة منها التدخين، وتعاطي المخدرات وأخطرها التحرش الجنسي، مشيرةً إلى أنه “في بعض الأحيان تقدم الفتاة أغلى ما لديها مقابل أن تحصل على المال”.
ولفتت جبور إلى أنه يجب وضع استراتيجية صحيحة في المدارس بالتعاون مع المدرسين والعائلة للقيام بجلسات حوارية ووضع قائمة برغبات الشباب، ومعرفة الإمكانيات الأكاديمية للطفل منذ البداية، بالإضافة إلى مساعدته في اختيار المهنة المناسبة إن كان يرغب بذلك، مع ضرورة الحديث الدائم عن أهمية العلم والتحصيل الدراسي ودور الشهادة وأثرها في تحصيله الثقافي والاجتماعي والمادي.
الجدير ذكره أن المحامي المختص بالشؤون الاجتماعية رامي الخيّر نوه خلال حديث سابق مع “أثر” أن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل معنية بضبط ظاهرة عمالة الأطفال بالاشتراك مع عدة جهات حكومية خاصة بعد صدور قانون حماية الطفل الذي وفقاً له لا يجوز أن يعمل الطفل ما لم يتم الـ 15 من عمره، وهذا القانون لم يطبق إلى الآن، لافتاً إلى أن “الوضع الاقتصادي والظروف المعيشية للأهل حالت دون تطبيق هذا القانون حالياً إضافة إلى ضعف الرقابة من قبل السلطة التنفيذية على هذه الظاهرة”.
وبيّن أن الظروف الاقتصادية أجبرت الأهل على إرسال أطفالهم للعمل فعلى سبيل المثال “الراتب الشهري لشخص واحد موظف يكفي لشراء فروج ونصف وهو وجبة طعام واحدة لعائلة ويبقى بقية الشهر دون طعام”، متمنياً أن يكون هناك تعاطي لمكافحة هذه الظاهرة بشكل صارم وأن يكون هناك صندوق مالي للأطفال ممن أوضاعهم حرجة لرعايتهم وتعليمهم.
ولاء سبع