في الوقت الذي تخيم فيه اجتماعات اللجنة الدستورية ومصير محافظة إدلب على المشهد السوري بعمومه، تتسارع التطورات في مناطق شرق الفرات السوري تاركة ورائها العديد من إشارات الاستفهام.
حيث تحدثت وسائل إعلام عربية وعالمية قبل يومين عن دخول ما يقارب 20 جندي سعودي بقيادة ضابط سعودي يدعى سعود الجغيفي، إلى قاعدة الشدادي في ريف الحسكة قادمين من العراق، حيث أفادت قناة “الميادين” أنه في 26 الشهر الجاري دخلت القوات السعودية قاعدة الشدادي، برفقة رتل “التحالف الدولي” بقيادة قوات الاحتلال الأمريكي الذي انسحب من قاعدة التاجي العراقية.
بالمقابل قالت قناة “روسيا اليوم” إن الجنود قدموا من قاعدة التاجي العراقية وأنهم سيغادرون البلاد، مشيرة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يدخل فيها جنود سعوديون إلى سورية، إذ سبق أن دخلوا إليها للتواصل مع بعض العشائر العربية في محافظة الحسكة.
التوقيت الذي دخل فيه الضباط السعوديون يتزامن مع حالة من القلق الأمريكي بسبب المقاومة الشعبية هناك فاستهداف قاعدة أمريكية في ريف دير الزور الشرقي قبل حوالي أسبوع لا يعد حدثاً عابراً خصوصاً أنه يأتي بعد القصف الذي طال الجيش السوري، في ظل توتر متصاعد بين العشائر وقوات الاحتلال الأمريكي.
وعلى الرغم من محدودية الحدث حينها كونه اقتصر على ثلاثة صواريخ من نوع كاتيوشا صغيرة الحجم ، إلّا أنه يُعدّ تطوّراً أمنياً بارزاً، ينذر باستهدافات مستقبلية أكبر قد تؤدي لقل جنود أمريكيين، فالاستهداف هو الأول من نوعه للقواعد الأمريكية.
المشهد المقلق للأمريكيين لا يقتصر على حدث استهداف القاعدة حيث تتناقل وسائل الاعلام بشكل شبه يومي أخبار عن قيام مجهولين باستهداف قيادات وعناصر في “قوات سوريا اليدموقراطية” التابعة للاحتلال الأمريكي وهو ما قد يعتبر رسالة تحذيرية من المقاومة الشعبية للاحتلال الأمريكي بأن المشهد قد يتطور مستقبلاً ليصل إلى حدود استهداف جنود أمريكيين، فما هو دور الضباط السعوديين الذين قدموا إلى القاعدة الأمريكية؟
يبدو أن الولايات المتحدة باتت بحاجة إلى وسيط يتقارب مع العشائر العربية فلم تجد سوى الضباط السعوديين الذين قد تربطهم مع القبائل العربية روابط وأُصر عشائرية في شرق سورية بالعادات لتتمكن من وقف المقاومة الشعبية التي يقوم عمودها الفقري على تلك العشائر.
تلك التطورات تأتي في توقيت حساس قبيل أشهر من الانتخابات الأمريكية فإدارة الرئيس ترامب تسعى في هذا التوقيت إلى تهدئة كل مناطق انتشارها العسكري في كل العالم لذلك جلبت الضباط السعوديين ولم تلجأ للقيام بحملات أمنية ضمن مناطق العشائر العربية.
لكن تلك المحاولات التي تسعى قوات الاحتلال الأمريكي إليها تشير الوقائع إلى أنه لم يكتب لها النجاح فبعد يومين من وصول الضباط السعوديين استمرت الهجمات على “قوات سوريا الديموقراطية” حيث أفادت وكالة “سانا” السورية أمس الأحد بمقتل عدد من عناصر “قسد”، إثر استهداف مقر لهم من قبل مجهولين في ريف الحسكة، وقبل مقتل هؤلاء العناصر بساعات، أفادت مصادر محلية بأن مجهولين يستقلون دراجة نارية أطلقوا النار على أحد قياديي “قسد” ببلدة سويدان جزيرة في ريف دير الزور الشرقي ما أدى إلى مقتله.
قد يكون الأمر الغائب عن الأمريكيين هون أن التقارب بين الوسطاء السعوديين الذين أحضرتهم مع العشائر العربية من ناحية العادات لا يعني تقاربهم فكرياً ووطنياً وعقائدياً فالعشائر العربية لن تقبل بأن تتم سرقة نفط بلادها وأن يذل شيوخها من المحتلين الأمريكيين وتبقى صامته، ففتيل المقاومة لن يطفئه لا السعوديون ولا غيرهم.
رضا توتنجي