تزامن الاعتداء الأمريكي على مواقع الحشد الشعبي في العراق بالقرب من الحدود المشتركة مع سورية، مع ازدياد الحديث عن وجود نشاط متجدد لخلايا تنظيم “داعش” في المنطقة التي تم استهدافها، مع الإشارة إلى أن الحشد الشعبي هو عبارة عن قوة منضوية ضمن الجيش العراقي وتم تشكيلها عند ظهور تنظيم “داعش” في العراق عام 2011.
وفي هذا السياق، أكدت العديد من التقارير الاستخباراتية والدولية عن عودة نشاط تنظيم “داعش” في المناطق الحدودية السورية – العراقية، حيث نشرت مؤخراً شبكة “بي بي سي” البريطانية تقريراً أشارت فيه إلى وجود مؤشرات متنامية على أن “داعش” يحاول إعادة ترتيب صفوفه، بعد عامين من خسارته في العراق، وكذلك الأمر نشرت عدة مصادر إعلامية أخبار تفيد بأن تنظيم “داعش” ينفذ هجمات متكررة في ريف دير الزور، أي المكان الذي تتمركز قوات “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بذريعة القضاء على “داعش” بشكل كامل.
وفي إطار الحديث عن عودة نشاط التنظيم داخل بعض المناطق في سورية والعراق، أصدرت خلية الإعلام الأمني العراقية قبل ساعات من الاعتداء الأمريكي على مقار الحشد الشعبي، بياناً جاء فيه “إن قيادة عمليات صلاح الدين تمكنت ضمن المرحلة الثامنة من عملية إرادة النصر، من العثور على 4 أوكار للإرهابيين تحتوي أجهزة اتصالات ومواد غذائية وملابس وأواني طبخ، كما دمرت نفقين إثنين بداخلهما عبوتين ناسفتين، وقتلت 5 إرهابيين انتحاريين كانوا داخل نفق” حيث أعلنت في اليوم ذاته قيادة العمليات المشتركة عن انطلاق المرحلة الثامنة من عملية “إرادة النصر”، حيث أكد القيادة العراقية أن هذه العملية تشمل 3 محافظات عراقية تصل حتى الحدود مع سورية، من أجل محاربة التنظيم، أي في المنطقة التي تم فيها الاعتداء الأمريكي.
ما ورد مسبقاً هو إشارة إلى أن القوات الأمريكية استهدفت باعتداءاتها قوة تم تكوينها لمحاربة تنظيم “داعش”، ما يعني أنه دليل إضافي على أن الإدارة الأمريكية تسعى للحفاظ على وجود “داعش” في المنطقة، إضافة إلى أنه استهدف قوة تمتلك شرعية كما يعتبر استهدافها انتهاك واضح لسيادة الدولة العراقية.
ويشار إلى أن الاستهداف الأمريكي جاء بالقرب من مدينة القائم الحدودية مع سورية، أي بالقرب من معبر (القائم-البوكمال) الذي تم إعادة فتحه مؤخراً، الأمر الذي يلحق ضرراً بالمصلحة الأمريكية التي ترغب بالحفاظ على حالة من التوتر واللااستقرار على هذا الطريق الاستراتيجي الذي يربط بين سورية والعراق.
الكثير من الدول بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية أكدت أن الاعتداء الأمريكي على مواقع الحشد الشعبي العراقي سيكون له تبعات كبيرة، حيث أفادت وكالة “رويترز” أن مسؤولين أمريكيين لم يتم ذكر اسمهم، أكدوا أنهم في حالة ترقب لرد انتقامي، وسط حالة من القلق عند الأمريكان لما ستؤول إليه الأمور، كما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن الغارات الأمريكية على العراق غير مقبولة وستكون ذات نتائج عكسية.
وبدأت تظهر تبعات هذا الاعتداء، حيث اعتصم اليوم العراقيون أمام السفارة الأمريكية في بغداد احتجاجاً على الاعتداء الأمريكي الذي أسفر عن سقوط ضحايا وجرحى في صفوف الحشد الشعبي، كما أعلنت الخارجية العراقية أنها ستستدعي السفير الأمريكي في بغداد، اعتراضاً على هذا الانتهاك الأمريكي لسيادة الدولة العراقية، إضافة إلى ما أشار إليه بعض المحللون السياسيون حول احتمال إعادة فتح ملف إخراج القوات الأمريكية، من دون عرض المشروع على البرلمان، في حين تزعم الإدارة الأمريكية أن هذا الاعتداء تستهدف من خلاله إيران، لكن التداعيات الأولية أكدت أن هذا الاعتداء لم يتضرر منه إلا الحكومة العراقية وشعبها، الأمر الذي ينذر بالدخول بمرحلة جديدة في العلاقات الأمريكية-العراقية والتصعيد في المنطقة.
زهراء سرحان