رغم انتهاء ذريعة محاربة تنظيم “داعش” في العراق لاتزال الولايات المتحدة متمسكة بالبقاء على هذه الأرض التي أُنهكت من السطوة الأمريكية.
فبعد الغزو الأمريكي للعراق بذريعة القضاء على ترسانة “السلاح الكيميائي” واسقاط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين خرجت الولايات المتحدة بنظام برلماني عراقي واصفةً إياه بـ”الديموقراطي” بهدف إبقاء البلاد الغنية بالنفط تحت هيمنتها لكن هذا النظام هو الذي صوت أعضاءه بالأكثرية على تبني قرار إلغاء الاتفاقية الأمنية المعمول بها ما يعني خروج القوات الأمريكية من البلاد.
وعلى هامش هذا القرار طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، عادل عبد المهدي، من وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، إرسال مندوبين إلى العراق “لوضع آليات تطبيق قرار مجلس النواب بانسحاب آمن للقوات”، في حين أكد وزير الدفاع الأمريكي، مارك إسبر، أن القوات الأمريكية ليست بصدد الانسحاب من العراق، وأن سياسة واشنطن في هذا الشأن لا تزال على حالها.
ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد حيث أكدت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية نقلاً عن مسؤولين عراقيين أن وزارة الخارجية الأمريكية أبلغت السلطات في بغداد بأنها قد تفقد الوصول إلى حساب في البنك الاحتياطي الفدرالي بنيويورك، يتضمن عائدات مبيعات النفط، الأمر الذي يؤكد “البلطجة” الأمريكية الاقتصادية على هذا البلد.
تلك المطالب العراقية بخروج القوات الأمريكية من العراق قابلتها من جهة ثانية الإدارة الأمريكية بصورة غريبة تعكس حالة خوف من حدوث أي مقاومة داخلية شبيهة بالتي أخرجتها من العراق عام 2011، حيث قاد وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو حملة اتصالات واسعة مع أقطاب “الناتو” في محاولة لوضع خطط ترامب بتوسيع دور الحلف العسكري واللوجستي على حساب وجود القوات الأميركية في الشرق الأوسط، ولا سيما العراق، مما يعكس المساعي الأمريكية لجر حلفائها الأوروبيين إلى المغامرة التي من المتوقع أن تواجهها خلال الأشهر القادمة في الشرق الأوسط.
الرفض الأمريكي للخروج من العراق والرد الغريب بدراسة توسيع وجود حلف الناتو يؤكد أن الولايات المتحدة لا تزال تتعاطى مع العراق كدولة تحتلها وليس كما تدعي أنها تتعامل مع دولة ذات سيادة، الملفت بكل ما يجري أن الولايات المتحدة هي من خلقت تلك الأزمات التي تجري الآن في المنقطة وستدعي في المستقبل أنها تريد البقاء بحجة خفض التوتر في المنطقة، فلولا خروج إدارة ترامب من الاتفاق النووي بضغوط “إسرائيلية” وقيامها باغتيال الجنرال قاسم سليماني ما كانت لتعيش المنطقة هذا التوتر الذي تشهده الآن.
ما يخشاه الأمريكيون بدأت معالمه بالظهور حيث سقط صاروخ مساء يوم الخميس، في منطقة فضلان في الدجيل بمحافظة صلاح الدين، وفق ما نقلته وكالة “رويترز” مشيرةً إلى أن المنطقة التي سقط فيها الصاروخ قرب قاعدة بلد الجوية، التي تستضيف قوات أمريكية، وزير الخارجية الأمريكي وعراب ما يحدث مايك بومبيو أعرب عن غضبه بعد سقوط الصاروخ وكتب على تويتر: “غاضبون من التقارير التي تشير إلى وقوع هجوم صاروخي جديد على القاعدة الجوية العراقية، أصلي من أجل الشفاء العاجل للجرحى”.
يبدو أن هذا الصاروخ هو بداية لعشرات الصواريخ مجهولة المصدر التي ستتبعه، وطلب الحكومة العراقية بخروج القوات الأمريكية التي قابلتها الولايات المتحدة بأجوبة استهزاء بالعراق وشعبه ستُظهر جديتها تلك الصواريخ غير المعلومة المصدر، فقد يكون على ترامب المحب للمال والنفط أن يعلم أن غزوه الأول للعراق كلف بلاده أكثر من 6 تريليونات دولار عسى أن يقدر تكلفة الغزو الحالي.
رضا توتنجي