خاص|| أثر برس بالتزامن مع زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسطنبول، انخفضت وتيرة القصف التركي على شمالي وشمال شرقي سوريا بعد حملة استهدافات جوية ومدفعية مكثفة نفذتها على مدار الشهر الفائت.
ووفق وسائل إعلام تركية فإن أجندة بلينكن في زيارته تركيا والتي جاءت في إطار جولته الشرق أوسطية الرابعة في الأشهر الثلاثة الفائتة، لم تضم مسألة التصعيد في غزة فقط بل شملت أيضاً أن قضيّة المقايضة بين عضوية السويد في حلف شمال الأطلسي وبيع واشنطن طائرات F16 لأنقرة.
أما فيما يتعلق بعمليات القصف التركي شمال شرقي سوريا، فإن الصحافي السوري المختص بالشأن التركي سركيس قصارجيان، استبعد في حديث لـ”أثر” وجود ارتباط بين زيارة وزير الخارجية وانخفاض وتيرة القصف التركي، خصوصاً أن في هذه المرحلة أمريكا محتاجة إلى أنقرة في موضوع انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو” وفي ملف حرب غزة، ولهذا من غير المرجّح أن تمارس واشنطن ضغط على أنقرة حالياً فيما يتعلق بالقصف التركي على نقاط قسد”.
ما موقف واشنطن من قصف تركيا لحلفائها شرقي سوريا؟
أكدت الولايات المتحدة في مواقف ومناسبات عدة أنها تعتبر “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” شريكاً محلياً لا يمكن الاستغناء عنه، وفي هذا السياق سبق أن نقلت قناة “العربية” عن مصادر عسكرية أمريكية تأكيدهم أنه “في الوقت الذي يعرب فيه مسؤولون عسكريون أمريكيون عن قلقهم من تصرفات قسد إزاء المدنيين، يوقنون أنه لا بدائل لديهم في المنطقة، وأن التحالف مع قسد كان ناجحاً، ولا يزال جوهرياً”، وقال مؤخراً آخر سفير أمريكي في دمشق روبرت فورد، في لقاء أجراه مع وكالة “الأناضول” التركية: “إن إدارة الرئيس جو بايدن لن تتخلى عن تنظيم واي بي جي/ بي كي كي الذي تعده شريكاً محلياً، مضيفاً أن “إدارة بايدن مصرة على إبقاء القوات الأمريكية شرقي سوريا وهي محتاجة إلى شريك محلي هناك”، وتابع “إدارة بايدن تدرك انزعاج تركيا من هذه الشراكة، لكن البيت الأبيض لن يغير موقفه في هذا الخصوص”.
لكن هذا التحالف بين واشنطن و”قسد” لم تستفد منه الأخيرة فيما يتعلق بالقصف التركي، لاعتبارات عدة تتعلق بالأولويات الأمريكية، وقال في هذا السياق قصارجيان: “صحيح أن أمريكا تعد قسد ومجموعات مسلحة آخرى شمال شرقي سوريا حلفاء، لكن في الوقت نفسه لاحظنا كيف أعطت الولايات المتحدة في كثير من الأحيان الضوء الأخضر لتركيا لاستهداف قادة هذه المجموعات، من دون أن تعطي موافقة لعملية برية”.
ما مصير الاستهدافات التركية؟
أشار الصحافي السوري المختص في الشأن التركي أنه يمكن تفسير انخفاض وتيرة القصف التركي في اليومين الفائتين باقتراب انتخابات البلديات التركية، ووفق التقديرات التركية فإن الأولوية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في هذه المرحلة هي استعادة رئاسة بلدية إسطنبول، من “حزب الشعب الجمهوري” الذي هزم مرشّحه أكرم إمام أوغلو، في عام 2019، إذ أطلق “حزب العدالة والتنمية” الذي يرأسه أردوغان، حملته الانتخابية بشعار “من جديد إسطنبول، من جديد حزب العدالة والتنمية”.
وقال قصارجيان في هذا الصدد: “تركيا على أبواب انتخابات بلدية في نهاية آذار القادم، وبالتالي الصوت التركي سيكون مهماً جداً للرئيس أردوغان خاصة في بعض البلديات الحساسة، لذلك هذا الأمر قد يكون سبب تراجع حدة الاستهدافات”.
وحول مصير العمليات التركية، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في 6 كانون الأول: “قريباً سننظف منطقة تل رفعت وغيرها من المناطق في الشمال السوري من المنظمات الإرهابية (الوحدات الكردية)”، موضحاً “سنؤمن في نهاية المطاف المناطق القريبة من حدودنا حيث يتجمع الإرهابيون وخاصة تل رفعت”، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية.
من جانبه قال وزير الدفاع التركي يشار غولر، سابقاً: “إن أنقرة ترغب من وجودها شرقي سوريا بحماية حدودها من التهديدات الأمنية التي يتسبب بها تنظيمي PKK, PYD”، وفق ما نقلته صحيفة “ديلي صباح” التركية.
وفي هذا السياق، أشار الصحافي السوري سركيس قصارجيان، إلى أن “أردوغان لن يتراجع عن فكرة السيطرة على مدينة تل رفعت شمالي سوريا لكن قد يراعي الديناميكيات الداخلية في تركيا والمزاج والظروف الدولية، فالاستهدافات التركية ستراعي جميع هذه الاعتبارات”.
ويأتي تراجع الاستهدافات التركية بعد نحو شهر من التصعيد التركي الذي شهدته مناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” التي تتكون بشكل أساسي من “الوحدات الكردية”، ففي الثالث والعشرين من شهر كانون بدأت تتصاعد عمليات الاستهداف الجوي بالمسيرات التركية، واستمر حتى الثامن والعشرين من الشهر نفسه، إذ استهدفت المسيّرات التركية مواقع لـ”قسد” شملت مواقع عسكرية وبنى تحتية، ومحطات وآبار نفط ومحطات كهرباء ومقرات اجتماعات لـ”قسد” وحواجز عسكرية.
زهراء سرحان