وصول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى سورية بعد ساعات من وصول وفد روسي رفيع المستوى وصفه البعض بأنه “وفد بثقل دولة”، هذه الزيارة ارتقت لأن يتم تصنيفها على أنها حدث بارز ومفصلي بحسب رأي المحللين والخبراء، خصوصاً وأنها تزامنت مع العديد من المستجدات على الساحة السورية اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً.
اقتصادياً:
كانت البداية مع تصريح الرئيس بشار الأسد، الذي قال خلال لقاءه مع نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف: “مهتمون بجدية في إنجاح الاستثمارات”، حيث أعلن الوفد الروسي خلال هذه الزيارة أن موسكو بدأت خطوة جديدة باتجاه دمشق تمثلت باتفاقية شملت 40 مشروعاً استراتيجياً، وبحسب رأي خبراء فإن هذه المشاريع قد تشكل نقطة انطلاق وحياة جديدة للاقتصاد السورية.
أما وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم، فأكد بعد انتهاء الجلسات مع الوفد وخلال مؤتمر صحفي أن المرحلة المقبلة على سورية اقتصادياً ستشهد تحسناً ملحوظاً، حيث قال: “علاقاتنا الاقتصادية تنمو وتتطور فيما يحقق مصلحة الشعبين السوري والروسي وأنا أبشر شعبنا بأن الوضع الاقتصادي العام سيشهد تحسناً خلال الأيام والأشهر القادمة”، الأمر الذي يشير إلى أننا فعلاً قد نكون أمام انطلاقة اقتصادية جديدة في سورية في ظل الحصار والضغوط الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
سياسياً:
على الصعيد السياسي تحدث المعلم، عن الدستور خلال المؤتمر الصحفي: “لا يوجد جدول زمني لإنجاز الدستور فهو يحتل أهمية خاصة وقدسية شعبية ولا يمكن سلقه أو إنجازه باللغط”، وفي إطار رده على سؤال بشأن الاتفاق الموقع في موسكو بين حزب “الإرادة الشعبية” وما يسمى “مجلس سورية الديمقراطي” الذي يمثل “قوات سوريا الديمقراطية-قسد” قال: “نحن في سورية باختصار شديد أي اتفاق يتعارض مع الدستور السوري لا ندعمه”.
أما الجانب الروسي فكان حريصاً على التأكيد على أن أولوية موسكو في أي اتفاقية يعقدها بخصوص سورية أن تحافظ على سيادة ووحدة الأراضي السورية حيث قال لافروف: “اتفاق أستانة يعتبر هو من أهم الاتفاقيات التي عقدت حول سورية وتعاملنا المشترك في إطار هذا المسار يعتمد على حتمية الحفاظ على سلامة ووحدة الأراضي السورية وأهمية منع أي تدخل خارجي في شؤون سورية الداخلية وأهمية منع أي تحريك للأجواء الانفصالية”.
التصريحات الروسية هذه تشير إلى حالة التزام موسكو بالخطوط الحمراء التي ترسمها الدولة السورية والتي تهدف إلى الحفاظ على سيادة الدولة السورية.
عسكرياً:
لم ينل الجانب العسكري حيّزاً واسعاً من هذه الزيارة، وذلك بحسب ما نشرته وسائل الإعلام، واقتُصر الحديث عن العمل الميداني بتعليق لافروف حول ملف إدلب حيث قال: “منطقة إدلب لخفض التصعيد هي حالياً أهم مجال تعاوننا حيث تم التوصل إلى اتفاقات ملموسة ويتم تنفيذها بشكل متتابع ومن أهم هذه الاتفاقات هي الفصل بين المعارضة المعتدلة والمتطرفين وتأمين M4 وخلق المنطقة الأمنية على هذا الطريق لو ببطء”.
وفي هذا السياق، أفادت صحيفة “رأي اليوم” اللندنية بأنه قبل يوم واحد من وصول الوفد الروسي إلى سورية وصل وفد عسكري روسي إلى قاعدة حميميم العسكرية، ما يشير إلى أن مناقشة الملفات السياسية والاقتصادي تتم بالتوازي مع الاستمرار بتنفيذ العمليات والخطط العسكرية.
وبالنظر إلى هذه الزيارة بشكل عام، فنجد أنها تزامنت مع ظروف حساسة تمر بها الدولة السورية، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، ومن الواضح أنها ستكون انطلاقة جديدة في سورية لا سيما على الصعيد الاقتصادي، إلى جانب أهمية هذه الزيارة في تجديد حيوية العلاقات الروسية-السورية، بعد الكثير من محاولات الترويج لوجود خلافات بين الطرفين.
زهراء سرحان