خاص|| أثر برس “من كان يظنُّ أنني سأعود إلى الزبداني هارباً من الحرب بعد أكثر من 18 سنة على تركي إياها؛ ولكن للأسف وجدت معظمها مدمراً كما تركت منزلي في لبنان”، بهذه الكلمات بدأ مراد (38 عاماً) حديثه لـ “أثر” عن قصته مع النزوح عندما فرَّ من لبنان إلى سوريا عام 2006 جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان حينها أو ما عُرف آنذاك بحرب تموز، ليقطن عند أحد أقاربه في الزبداني ليعود مرة أخرى هارباً من العدوان الإسرائيلي على لبنان في أواخر أيلول عام 2024.
خرجنا بملابسنا فقط:
يتحسَّر مراد وهو من مواليد البقاع، قضاء زحلة، على ما فقده من أشخاص وعمل ومال وممتلكات جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان، ويتحدث لـ “أثر” عن رحلة قدومه من لبنان إلى سوريا وكيف شاهد منزله في لبنان يحترق أمامه قائلاً: “بدأت صواريخ العدو الإسرائيلي تقترب أكثر فأكثر من مكان سكني فأخذت ما يمكن أخذه من ملابس وتركت الأثاث يحرسه فارس (شاب سوري من وادي بردى كان يعمل مع مراد بالبناء) حتى لا يتعرض للسرقة، وقررت التوجه إلى بيروت ومن بيروت إلى الزبداني”.
وأعرب “مراد” عن شكره للحفاوة التي تلقاها أثناء استقباله في المدينة، معتبراً أن أهالي الزبداني عبروا عن النخوة والأصالة التي يتحلى بها السوريون عموماً.
وأكمل مراد لـ “أثر” قصته عن الهروب من منزله قائلاً: “انطلقت أنا وزوجتي وطفلاي الاثنان بالسيارة ومعنا ملابسنا فقط وبعد ابتعادي لـ 200 متر فقط، استهدف صاروخ إسرائيلي منزلي فأصبح كومة من الركام بكل ما فيه ولكن الخسارة الأكبر كانت استشهاد فارس”.
بعد ذلك وصل مراد إلى معبر جديدة يابوس الحدودي داخلاً الأراضي السورية واستقر عند أقاربه في الزبداني مؤقتاً حيث قررَّ استئجار أحد المنازل في المدينة، آملاً في العودة إلى لبنان في أقرب وقتٍ ممكن.
في الزبداني:
يقطن عدد قليل من الوافدين اللبنانيين إلى سوريا عند أقاربهم في مدينة الزبداني، في حين استنفرت جميع كوادر مجلس مدينة الزبداني لتقديم كل ما أمكن من خدمات.
وقال رئيس بلدية الزبداني سمير درويش لـ “أثر”: “استنفرنا جميع كوادرنا لتقديم كل ما يمكن لخدمة اللبنانيين والعائدين السوريين ومنذ أسبوعين زار المحافظ المدينة للوقوف على أوضاع الوافدين والعائدين”.
وأضاف درويش: “بعد هذه الزيارة استلمنا الدفعة الأولى من المساعدات الطبية والإغاثية، ووسائل تدفئة (بطانيات)” مؤكداً أن مجلس المدينة يبذل كل ما بوسعه لضمان تقديم أفضل الخدمات للعائدين والوافدين.
وكشف درويش عن تعاون مرتقب بين الهيئة الطبية السورية ومجلس مدينة الزبداني لتقديم أفضل الخدمات الطبية للوافدين والعائدين، كما سيكون هناك تعاون بين منظمة الأمانة السورية للتنمية ومجلس المدينة لتقديم الخدمات القانونية للعائدين السوريين من خدمات إثبات ملكية وعقود زواج وغيرها.
الحكومة السورية وتعاملها مع أزمة الوافدين:
لم يكن دخول أكثر 500 ألف وافدٍ من لبنان إلى سوريا هيِّناً على الأخيرة التي ترزح تحت وطأة عقوبات أمريكية واقتصاد شبه متهالك وبنية تحتية مدمرة، لكنها قررت التحرك العاجل والفوري بهذا الملف وسخَّرت كل الطاقات الحكومية وغير الحكومية للتعامل مع الوافدين.
وفي إطار ذلك وضعت محافظة ريف دمشق كل إمكانياتها لخدمة الوافدين اللبنانيين بدءاً من الخدمات الصحية حيث دخل حتى تاريخ 21 تشرين الثاني، 70,060 وافد لبناني وفق ما أفاد به نائب محافظ ريف دمشق جاسم المحمود لـ “أثر”.
وأشار المحمود إلى أنَّ عدد الوافدين القاطنين في مراكز الإيواء التي وفرتها المحافظة بلغ 1558 وافد بمعدل 512 عائلة، بينما بلغ عدد العائلات المستضافة ضمن المنازل على كامل جغرافيا محافظة ريف دمشق 835 عائلة.
وتظهر وثيقة ملف الوافدين من لبنان إلى سوريا التي اطلع عليها “أثر” أن عدد الهيئات التي قدمت خدمات وإعانات إغاثية للوافدين في ريف دمشق بلغ قرابة الـ 40 هيئة، تنوعت بين المنظمات والوكالات الدولية ومنظمات المجتمع المدني (غير الحكومية) وغرف الصناعة والتجارة ومديرية الصحة في المحافظة.
وجاء في الوثيقة أنَّ عدد الإعانات العينية التي قدمتها تلك الهيئات يقارب الـ51 ألف إعانة على كامل جغرافيا ريف دمشق، توزعت بين مساعدات طبية وغذائية وغيرها.
وفي المساعدات الدولية قدمت فنزويلا لمحافظة ريف دمشق 13 طن مساعدات تتضمن مساعدات (غذائية-مستلزمات طبية وإغاثية) تم إيداعها في مستودع مركز إيواء الدوير.
يشار إلى أن عدد الوافدين من لبنان إلى سوريا منذ تاريخ 24 أيلول حتى تاريخ 21 تشرين الثاني، بلغ 531950 شخص، بينهم 248498 شخص وصلوا عبر معبر يابوس في ريف دمشق، في حصيلة غير نهائية حصل عليها “أثر”.