يمكن اعتبار العلاقات التركية – الأمريكية خير مثال لكلمة “التناقضات”، فبعد العديد من الخلافات التي دارت بين الإدارتين الأمريكية والتركية بسبب علاقات أنقرة مع موسكو وعلاقة واشنطن مع عدو أنقرة، الأكراد، أعلن الطرفان عن خارطة طريق مشتركة حول مدينة منبج السورية، وبعد أيام عادت الخلافات من جديد بين الطرفين بسبب قضية القس أندرو برونسون، لكن مع تغيير طفيف، حيث أكدت الخارجية التركية أن هذا الاختلاف لن يؤثر على الاتفاق التركي – الأمريكي حول منبج.
وفي هذا السياق نشرت صحيفة “صباح” التركية مقالاً بعنوان “يجب خفض التواجد العسكري الأمريكي في تركيا” جاء فيه:
“يجب علينا القيام بما يقع على عاتقنا دون أي تأخير في مواجهة التصرفات الطائشة للولايات المتحدة.. في الأثناء ينبغي ألا يفوتنا أن الأيام القادمة ستشهد أزمة جديدة في العلاقات التركية الأمريكية بسبب العقوبات المفروضة على إيران، وهذا يعني أن العلاقات المتعددة ينبغي أن تكتسب زخماً في سياستنا الخارجية، وأن ينخفض الارتباط بالولايات المتحدة إلى أدنى حد، كما يجب التفكير بخفض الوجود العسكري الأمريكي في تركيا إلى أقل مستوى”.
واعتبرت “القدس العربي” اللندنية أن واشنطن لم تستطع تفهم الرغبة التركية، حيث قالت:
“من المنظور التركي، جوهر الأزمة جاء بعد تجاوز الولايات المتحدة لخط أحمر قبل عامين في علاقاتها مع الأكراد إذ التزمت الولايات المتحدة في أوقات سابقة بأن تحالفها العسكري مع الأكراد سيكون محدوداً للغاية ولكنها تتصرف بطريقة أخرى تماماً.. واشنطن، لم تحاول إصدار حكم عادل على التوجهات التركية، ولم تتفهم المصالح التركية لأنها ببساطة تتناقض مع مصالح صناع السياسة ولوبي الدفاع في الولايات المتحدة، ولم تفهم واشنطن أن أرودغان يريد بالفعل أن تصبح تركيا جزء من الغرب ولكن مع استقلال استراتيجي”.
أما “نيويورك تايمز” الأمريكية فتناولت هذا الأمر من ناحية أخرى، قائلة:
“السؤال الذي يدور في جميع الأذهان حالياً هناك هو: إلى متى ستبقى القوات الأميركية بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه يرغب في سحب قواته؟ وإذا نفذ ترامب ما أعلنه، فإن حلفاءه الأكراد يخشون من حدوث الأسوأ والفوضى الكاملة في المنطقة لأن مجرد وجود القوات الأميركية يبعث برسالة إلى الحكومة السورية وإلى الأتراك بعدم التدخل”.
هذا الخلاف الأمريكي – التركي وتأكيد الخارجية التركية على أنه لن يؤثر على خارطة الطريق في منبج السورية، يتزامن مع تأكيد أمريكا على بقاءها في سوريا، إضافة إلى الحديث عن عملية عسكرية محتملة في الشمال السوري من قبل القوات السورية، فهل لا تزال تأمل تركيا بمساعدة أمريكية لتحافظ على وجودها في سوريا؟ وذلك من خلال رضوخها لأمريكا داخل سوريا مع حرصها على حفظ ماء وجهها دولياً.