انتهت الجولة الـ22 لمحادثات أستانا حول سوريا اليوم الثلاثاء، بين روسيا وتركيا وإيران، وأكد البيان الختامي للاجتماع أن الدول الضامنة ناقشت المستجدات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وتأثيراتها في سوريا.
وجاء في البيان الختامي أن “عقب المفاوضات أكدت الأطراف على أهمية مواصلة الجهود لإعادة العلاقات بين تركيا وسوريا على أساس الاحترام المتبادل وحسن الجوار من أجل مكافحة الإرهاب وتهيئة الظروف المناسبة لحياة آمنة وكريمة وعودة السوريين بمشاركة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وتفعيل العملية السياسية وضمان تدفق المساعدات الإنسانية من دون عوائق إلى جميع السوريين” وفق ما نقلته وكالة “سبوتنيك” الروسية.
وأضاف البيان “الدول الضامنة تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية والمجازر في غزة والعدوان على لبنان وتعتبرها انتهاكاً للقانون الدولي” وفق ما نقلته وكالة “سانا” الرسمية.
واتفقت الدول الضامنة في البيان الختامي على أن “الاستيلاء على موارد النفط في سوريا والعقوبات أحادية الجانب تؤثر سلباً على الوضع فيها، والنفط والموارد الأخرى فيها يجب أن تكون ملكاً لشعبها”.
وطالب البيان المجتمع الدولي و”مجلس الأمن” تحديداً، بضمان وقف فوري ودائم لإطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة من دون عوائق”.
كما اتفقت الدول الضامنة اتفقت على عقد الاجتماع الـ23 بصيغة أستانا حول سوريا في النصف الأول من عام 2025.
وقال رئيس وفد سوريا إلى أستانا ومعاون وزير الخارجية والمغتربين أيمن رعد، في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع: “إن منطقتنا تمر بوضع بالغ الخطورة بسبب عدوان الكيان الصهيوني على الشعبين الفلسطيني واللبناني واعتداءاته المتكررة على الأراضي السورية في انتهاك سافر للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني”.
وأضاف أن “الأصدقاء في روسيا وإيران جددوا خلال الاجتماع التزامهم احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها والتأكيد على التنسيق الدائم والمتواصل فيما يخص القضايا المتعلقة بحل الأزمة في سوريا” مشيراً إلى أن “سوريا تأمل تحقيق المزيد من النتائج لمسار أستانا وخاصة في مجال مكافحة الإرهاب والقضاء الكامل عليه”.
كما تطرق رعد، إلى العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، إذ قال: “شددنا خلال الاجتماع على الآثار الكارثية للإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري وجددنا المطالبة بالرفع الفوري وغير المشروط لها” مضيفاً أنه “أكدنا الحاجة إلى تعزيز وتوسيع مشاريع التعافي المبكر لأثرها المهم في إعادة الاستقرار ومساعدة الشعب السوري على تجاوز المعاناة التي يعيشها”.
من جانبه، أكد رئيس وفد روسيا إلى اجتماع أستانا المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف خلال مؤتمر صحفي بعد الاجتماع: “نرفض محاولات زعزعة استقرار سوريا من قبل قوى خارجية وتنظيمات إرهابية”.
وأشار لافرينتيف إلى أن “القصف الإسرائيلي على لبنان تسبب بقدوم أعداد كبيرة من اللاجئين إلى سوريا والاقتصاد السوري يعاني أساساً جراء العقوبات ما يتطلب من المجتمع الدولي تقديم المزيد من المساعدات لتلبية احتياجات اللاجئين”.
ووفق ما نقلته “سبوتنيك” فإنه “دعت روسيا وتركيا وإيران، اليوم الثلاثاء، إلى ضرورة استئناف ومواصلة الجهود لتطبيع العلاقات بين أنقرة ودمشق”.
وتتزامن هذه القمة مع تطورات عدة تشهدها المنطقة لا سيما فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وما تلا هذا الفوز من تصريحات تركية تتعلق بنية أنقرة شن عملية عسكرية شمالي شرق سوريا وتصريحات أخرى تشير إلى عرقلة مسار التقارب السوري- التركي.
وفي هذا الصدد، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أيام: “في الفترة الجديدة سنواصل لقاءاتنا مع دونالد ترامب وسنناقش كيف سنشكل التطورات في الشرق الأوسط، سنفعل ذلك كما في السابق، من خلال الدبلوماسية الهاتفية، مثلاً سنقوم بتقييم مسألة سحب القوات الأمريكية من سوريا وإنهاء دعم حزب العمال الكردستاني الإرهابي” وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية.
من جهته، أكد وزير الخارجية التركي حقان فيدان، في تصريحات نقلتها صحيفة “ملليت” التركية أمس الإثنين، بلاده تذكّر مسؤولي الولايات المتحدة باستمرار بضرورة وقف التعاون مع الوحدات الكردية في سوريا، مشيراً إلى أن أنقرة تكثف جهودها لحمل واشنطن على إعادة النظر في دعمها لـ”قوات سوريا الديمقراطية- قسد” وقال: “زادت اتصالاتنا بشأن هذه القضية، ونرى أن الجانب الأمريكي حريص أيضاً على المزيد من المحادثات والمفاوضات”.
وتابع فيدان قائلاً: “نقول بوضوح إن معركتنا ضد (حزب) العمال الكردستاني وامتداداته ستستمر حتى النهاية”.
الأمر نفسه أكده أردوغان، قبل يومين، عندما قال: “تركيا ستكمل في المدة المقبلة الحلقات الناقصة للحزام الأمني على حدودها الجنوبية” وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية.
وخلال فترة حكم دونالد ترامب، السابقة والتي امتدت من عام 2017 إلى عام 2021، تمكنت أنقرة من شن عمليتين عسكريتين وهما “نبع السلام وغصن الزيتون” وسيطرت إثرهما على مدن “عفرين ورأس العين وتل أبيض”.
يشار إلى أنه في آب 2024 كشف مستشار الأمن القومي السابق لترامب، هربرت ماكماستر، عن محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لإقناع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال فترة رئاسته السابقة، بالانسحاب من سوريا، وذلك في كتابه “في حرب مع أنفسنا: جولتي في الخدمة في البيت الأبيض في عهد ترامب”، وأشار ماكماستر، إلى أنه جرت مكالمة هاتفية بين ترامب وأردوغان، في 24 تشرين الثاني 2017 ووصف فيها أردوغان، استمرار نقل الأسلحة إلى “قوات سوريا الديمقراطية” بأنه إهدار للمال، ليجيب ترامب بقوله: “أنت على حق، هذا أمر سخيف”.