رُصدت متغيرات جديدة بين الأطراف الدولية في سوريا لا بد من الوقوف عندها كونها تشير إلى مؤشرات معينة، ففي الوقت الذي يتم الحديث فيه عن معركة الجنوب والاستنفار الروسي والأمريكي والإسرائيلي، ثمة أشياء تحدث شمالاً لاتبدو وكأنها مغطاة بغطاء يدعى “معركة الجنوب” افتعلته روسيا، والآن بعدما بدأ الحديث عن اتفاق بين روسيا وتركيا يضمن للأخيرة السيطرة على تل رفعت بعدما حققت أمريكا لها حلمها في منبج، أصبح من الضروري التفصيل في مستقبل الوجود التركي في سوريا وإعادة رسم ملامح علاقاته مع كل من روسيا وأمريكا في سوريا.
حيث اعتبرت صحيفة “إزفيستيا” الروسية أن روسيا مضطرة لاستيعاب تركيا للحد من سيطرة أمريكا في سوريا، حيث قالت:
“هناك أمور تجبر تركيا في سوريا على البحث عن طرق للضغط على الولايات المتحدة، التي ينتشر عناصر حزب العمال الكردستاني تحت سيطرتها العسكرية على الحدود التركية، ويجب ألا يغيب عن بالنا أنه إذا فاز الحزب الحاكم، فستشمل الحكومة المقبلة القوميين المتطرفين من حزب العمل الوطني، الحليف الرئيس لأردوغان.. وهم يطرحون توسيع منطقة العمليات إلى القسم المتبقي من الحدود السورية، في تحد مباشر لمصالح الولايات المتحدة، دور روسيا في هذه الحالة، يمكن أن يكون خلق ظروف مقبولة من جانب أنقرة ودمشق تمكّن عسكريي البلدين من تنسيق عملياتهم في شمال سوريا”.
وأشارت “الوطن” السورية إلى موقف الأكراد من هذا التقارب بين أمريكا وتركيا وبين الأخيرة وروسيا، إذ جاء فيها:
“الاتفاق الذي تم التوصل إليه ما بين الطرفين حول منبج جرى التأكيد عليه بين الوزيرين ما يؤكد حالة الانزياح الأميركية الراهنة نحو أنقرة والراجح هو أن ذلك المسار سيشهد في المرحلة المقبلة مزيداً من الانزياح الأمر الذي يفرض تلقائياً وبالضرورة تباعداً مع الأكراد، في حين وجد هؤلاء أن ما تحمله المرحلة المقبلة سيكون شديد الخطورة ليس على حالهم السياسي بل على حالهم الأمني إن لم يكن الوجودي”.
وصحيفة “القدس العربي” كان لها رأي مختلف بالعلاقات الأمريكية – التركية في سوريا بالرغم من تنفيذ اتفاق منبج، فورد في صفحاتها:
“لم تمر ساعات قليلة على بدء تطبيق خارطة الطريق وانتشار القوات التركية في محيط مدينة منبج السورية بموجب اتفاق مع الولايات المتحدة الأمريكية حتى صادق مجلس الشيوخ الأمريكي على منع بيع أنقرة طائرات 35-F، في خطوات متضاربة أعادت التعقيد إلى طبيعة العلاقات المتوترة بين الحليفين الهامين في حلف الناتو، وفي ظل التطورات المتناقضة بين الجانبين، يبدو أن العلاقات التركية-الأمريكية سوف تبقى تشهد حالة من الشد والجذب لحين اتضاح مزيد من المعطيات لا سيما التطورات الميدانية في سوريا”.
وبالرغم من أن كل ما تقوم به روسيا وأمريكا في سوريا يشير إلى أنه يخدم المصلحة التركية، لكن عند النظر بين السطور يمكننا التأكد من أن تركيا ليست أكثر من أداة بيد كل من روسيا وأمريكا، أو ربما تكون مجرد ورقة ضغط لكلا الطرفين على بعضهما، ويبقى المشهد الغير واضح هو الاختباء وراء معركة الجنوب السوري لتنفيذ هذه الاتفاقيات مع تركيا.