خاص || أثر برس تفتح حادثة افتراس سمك القرش “قرش النمر” السائح الروسي في الغردقة بمصر، الباب على مصراعيه أمام احتمالية وصول مثل هذه الأنواع المفترسة إلى البحر المتوسط، خاصة في ظل التغيرات المناخية الحاصلة وارتفاع درجة حرارة المياه التي استقطبت العديد من أنواع الأسماك الغازية من البحر الأحمر خلال السنوات الأخيرة.
هل توجد أسماك القرش في المياه السورية؟
وفي السياق، بيّن الأستاذ في علم الأسماك بكلية الزراعة في جامعة تشرين الدكتور مالك علي لـ”أثر” أنه “تم توثيق ظهور أسماك القـرش في المياه السورية لأول مرة عام 1930 عندما سجل باحث فرنسي وجود 7 أنواع لأسماك القرش، وفي عام 2003 وخلال قيامي ببحث الماجيستير تم توثيق وجود 39 نوعاً من أسماك القرش في المياه السورية، وهي من الأنواع غير الخطرة والتي تعيش في الأعماق وبعيداً عن الشواطئ”.
وبحسب علي، فإنه يطلق عالمياً اسم تصنيف “القرشيات” لتتضمن أسماك القرش، بالإضافة للقوابع والشفاني، مؤكداً أن سمك القرش الذي أظهر شراسة وهاجم السائح في الغردقة بمصر، يطلق عليه تسمية “قرش النمر” وهو إلى جانب نوع آخر يطلق عليه اسم “القرش الأبيض” يعتبران من أشرس أنواع أسماك القرش حول العالم والبالغ عددها 500 نوعاً، وعليه، يرى علي أنه من الطبيعي أن يكون هناك نوعين شرسين من بين 500 نوع آخرين.
وأضاف علي: من حسن الحظ، أن هذين النوعين غير موجودين في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، حيث لم يتم تسجيل أي ظهور له.
ويؤكد علي أن قرش النمر الذي هاجم السائح، شرس ويلاحق فريسته حتى في المياه الضحلة، مضيفاً: البعض عزا ظهوره إلى قيام سفن برمي المواشي النافقة في البحر، فيما قال البعض الآخر إنها أنثى قرش حامل، لكن القـرش الذكر وحتى الأنثى غير الحامل تتواجد في الأعماق الضحلة عندما تلاحق الفريسة.
هل ينتقل لمياهنا؟
وحول إمكانية انتقاله إلى المتوسط بسبب التغيرات المناخية الحاصلة وارتفاع درجات حرارة المياه التي استقطبت أنواع أسماك كثيرة من البحر الأحمر، أشار علي إلى أنه من غير المتوقع أن تصل هذه الأنواع إلينا خلال السنوات العشر القادمة، مدللاً بأنها تعيش في المياه الدافئة عند خط الإستواء، وعند ارتفاع درجة حرارة المياه في المتوسط فإنها ستترافق بارتفاع درجة الحرارة في البحر الأحمر أيضاً، ما يجعلها مناسبة أكثر للقرشيات.
ويرى علي أن حادثة مهاجمة القـرش للسائح في الغردقة وغيرها من الحوادث المشابهة على قلتها، تأخذ تغطية إعلامية مبالغ فيها أكثر مما تستوجب، مستنداً إلى أنه في إحصائية خلال السنوات العشرة الأخيرة بلغ عدد حالات مهاجمة أسماك القرش للبشر 7 حالات، في الوقت الذي يتم فيه سنوياً اصطياد أكثر من 75 مليون سمكة قرش، لغايات إما تغذوية وإما للترفيه والتسلية، أو كنوع من الغذاء يعتبر ترفيهياً وليس له أي قيمة غذائية، مدللاً أنه في الصين والهند يقوم البعض بتقطيع ألف سمكة قرش من أجل الحصول على الزعانف ورمي أجسامها في البحر، وإعداد طبق يسمى “حساء زعانف أسماك القرش” ويعد هذا الطبق وجبة مرغوبة جداً في الصين والهند، لذلك اضطر الباحثون وخبراء البيئة إلى رفع شعار “احموا سمك القرش من فم البشر”.
بعض أسماك القرش لها فائدة:
وأكد علي أنه بالرغم من أن أسماك القـرش ضارة، لكن قسم منها له فائدة اقتصادية، مشيراً إلى أنه خلال السنوات الخمس الأخيرة تم تسجيل وجود نوعين من أسماك القـرش في مياهنا وانتشرا بسرعة وهما من الأسماك المرغوبة ولها فائدة اقتصادية باتت تنافس بقية أنواع الأسماك مدللاً بنوع “السلطاني الأسود” وهو مثل أي نوع من أنواع سمك السلطاني الموجود منذ عشرات السنين في مياهنا، مضيفاً: “ليس كل نوع دخل إلى مياهنا يعتبر ضاراً، صحيح أنه من الناحية البيئية ممكن أن يؤدي إلى خلل بيئي، لكن له فوائد من الناحية الاقتصادية والأمن الغذائي”.
وبيّن علي أن بعض أنواع سمك القـرش التي يتم اصطيادها شرسة لكنها ليست خطرة، لسببين الأول أنها تتواجد على أعماق كبيرة تتراوح بين 1000-1500 متراً حيث لا يتواجد السائح ولا السبّاح ولا الصياد، والسبب الثاني أن الأنواع التي تظهر شراسة أثناء صيدها توجد في عمق البحر بعيدة عن الشواطئ.
يذكر أنه في مطلع شهر تموز من عام 2022 تم تسجيل حادثة وفاة سيدتين في مصر نتيجة هجوم سمكة قرش في أحد المنتجعات السياحية جنوبي مدينة الغردقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.
الأطلس المصور:
يشار إلى أنه تم العام الماضي وفي خطوة من شأنها رفع التصنيف العالمي لجامعة تشرين ووزارة الزراعة والجمعية السورية لحماية البيئة المائية، تم طرح أطلس “دليل مصور” أسماك القـرش في المياه البحرية السورية، ليصبح في متناول الجميع، ليكون أول أطلس مصور على مستوى سوريا.
صفاء علي – طرطوس