مضت 28 سنة على انتهاء الحرب الأهلية في لبنان، ورغم كل حركات الإعمار والترميم في كافة مناطق لبنان خاصة بيروت، بقيت هناك مبان “لرائحة الموت” تشهد على حقبة من تاريخ البشر والحجر وتشكل متحفاً لذاكرة لبنان الموشومة بالحروب والصراعات.
إذ ظل أحد الفنادق في منطقة القنطاري الذي يطل على البحر ويكشف على الأسواق التجارية في وسط بيروت والحمراء حتى الروشة غرباً، ليتحول فندق هوليدي إن.. من مقر الشخصيات العالمية إلى مرتع للمسلحين، فبعد أن شكّل علامة فارقة في الأفلام العربية التي كانت تُصوّر في لبنان فغالباً ما كان يظهر في مشاهدها، إذ تم تصوير أكثر من 15 فيلم داخله، حتى ارتبط اسمه بالحرب بعدما تحوّل إلى رمز الصمود والفاصل بين بيروت الشرقية والغربية، وبسببه انتشر مصطلح “حرب الفنادق”.
كما بقيت سينما “الكابيتول” القابعة اليوم بالقرب من ساحة الشهداء مهجورة بجدرانها المثقوبة جراء حرب لبنان، بعد أن كان لصالات السينما في بيروت في حقبة الخمسينات والستينات دوراً مهماً في حياة اللبنانيين وتحديداً رجال السياسة والمجتمع،
وشهدت السينما منذ بناؤها في عام 1955، استقبال أكثر من 50 فيلماً عربياً وأجنبياً، كما ألقى رئيس جمهوريّة تونس الحبيب بورقيبة محاضرة داخلها، في عهد الرئيس الراحل شارل حلو، حين قام الرئيس التونسي آنذاك بزيارة إلى لبنان وجرى لقاء الشباب اللبناني ولا سيّما طلبة الجامعات، وإلقاء محاضرة موضوعها: مستقبل الأمّة العربيّة، وعُيّن اللقاء حينها في صالة السينما.
هذه المباني الممتلئة بذاكرة الرصاص التي تلوح على الجدران وفي الأفق، وتحمل حكايات دموية ومواجع، تبقى اليوم معلماً ينعش ذاكرة اللبنانيين.