ناقشت عدد من الصحف العربية والغربية السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط بعد أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر، إذ أشارت بعض التحليلات إلى أن سياسة واشنطن وأولوياتها في المنطقة لم تتغير، موضحة في الوقت نفسه أن الحرب في غزة كان لها تأثير سلبي في واشنطن ومصداقيتها.
في هذا السياق، نشرت صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية مقالاً لفتت فيه إلى أن “خطة بايدن بعد 7 تشرين الأول، تبدو مشابهة إلى حد كبير لخطة بايدن قبل 7 تشرين الأول، وذلك لأن الأولوية الأساسية هي نفسها: المنافسة الاستراتيجية مع الصين، وهي العدسة التي تنظر منها هذه الإدارة إلى السياسة الخارجية بأكملها، إذ يُنظر إلى الاتفاقية الأمنية الأمريكية- السعودية على أنها خطوة ضرورية لإبعاد الصين عن الشرق الأوسط”.
وأضافت الصحيفة أن “الكثير من الأضرار التي لحقت بأرواح البشر ومنازلهم، وبالأمن الإقليمي والعالمي، ومصداقية الولايات المتحدة، أصبحت بالفعل غير قابلة للإصلاح، وسيكون التأثير في سمعة بلادنا، كما قال ديفيد بتريوس عن فضيحة التعذيب في أبو غريب، (غير قابل للتحلل) وستستمر بعد هذه الرئاسة، لكن هناك خطوات يمكن أن تتخذها الإدارة لتخفيف الضرر، بدءاً بإعادة سياسة الولايات المتحدة بشأن الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني وصولاً إلى التوافق مع القانون الدولي، والتصريح بشكل لا لبس فيه أن الأراضي المحتلة عام 1967 هي في الواقع أراض محتلة، وإعادة موقف وزارة الخارجية بأن المستوطنات الإسرائيلية في تلك الأراضي غير قانونية، وإعادة فتح القنصلية العامة في القدس لتكون بمثابة السفارة الأمريكية للفلسطينيين، والتي أغلقها ترامب ووعد بايدن بإعادة فتحها، ودعم تحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب المحتملة التي ترتكبها جميع الأطراف”.
وفي معرض الحديث عن تراجع مصداقية واشنطن لفت مركز “كارنيغي” للدراسات إلى أن “دول الشرق الأوسط يبدو أنها تميل إلى توسيع وتنويع شراكاتها الدولية، ومن المحتمل أن تفعل ذلك بهدف موازنة علاقاتها مع الصين والولايات المتحدة، وربما أحياناً اللعب مع كل قوة عالمية منهما ضد الأخرى”، مضيفاً أن “قبل اتخاذها قراراً بشأن أفضل مسار للعمل، من المرجح أن تزن دول الشرق الأوسط، وخصوصاً الخليجية، تكاليفها وفوائدها عندما يتعلق الأمر بالعلاقات مع الولايات المتحدة والصين، وخاصة إذا كانت لا تثق في نيات البلدين”.
وفيما يتعلق بسوريا تحديداً، نشرت صحيفة “العرب” في صفحاتها: “تتغير قواعد الاشتباك مع ازدياد نشاط البرنامج النووي لإيران، والحرب القائمة في غزة من جهة أخرى، وستضطر واشنطن لتجميد سياستها المعتمدة في الحرب والعمل وفق المعطيات والأحداث المتسارعة على الأرض، سيما بعد تعرضها مباشرة لهجمات من حركات المقاومة، وهو واضح من ردها السريع على تلك الحركات في العراق وسوريا على الرغم من حرصها على أن تكون الضربات موجهة لقيادات تلك الفصائل وليس للعناصر، لتتوافق مع استراتيجيتها في عدم خلق عداوة مع أبناء شعوب المنطقة”.
وأشارت الصحيفة في مقال آخر إلى أن “هجوم حماس في السابع من أكتوبر، وضع عصا غليظة في عجلة مشروع الإدماج، الذي خططت له الطبقة الحاكمة في الولايات المتحدة كاستراتيجية لها في الشرق الأوسط من أجل الانسحاب، والتفرغ إلى احتواء الصين في المحيط الهادي. وكان ذلك قبل الغزو الروسي لأوكرانيا” موضحة أن “الغزو الروسي لأوكرانيا عطّل مشاريع الولايات المتحدة على الصعيد الاستراتيجي، وفي الشرق الأوسط تحديداً، ودفعها لإعادة التموضع من جديد والعدول عن الانسحاب منها، خشية أن تملأ روسيا أو الصين الفراغ الذي تتركه، خاصة بعد أن تداعت حلقة حلفاء واشنطن في المنطقة وعلى رأسها السعودية، حيث لم ترضخ للضغوط الأمريكية في إغراق أسواق النفط العالمي لتخفيض الأسعار لمعاقبة روسيا على غزوها لأوكرانيا، أو التعويض عن نفطها جراء العقوبات الاقتصادية، وفضلاً على ذلك راحت تبيع النفط باليوان بدل الدولار إلى الصين، وقامت بترميم العلاقة مع إيران، وإعادة العلاقات مع سوريا وبناء علاقات استراتيجية مع الصين وروسيا. وبدأت الإمارات هي الأخرى تحذو حذوها، وكلا البلدين انضما إلى حلف بريكس. بعبارة أخرى شجع تمرد روسيا، وكسر عصا الانصياع للعصر الأمريكي، بتدشين عالم جديد يهدد هيمنة القطب الأميركي على العالم”.
تشير التحليلات العربية والغربية إلى النشاط السياسي والدبلوماسي لأعداء الولايات المتحدة في المنطقة وتعدد شراكات حلفاء واشنطن وانفتاحهم على علاقات متجددة بهدف خدمة مصالحهم من هذه الشراكات والتحالفات، كالتقارب السعودي- الإيراني وعودة العلاقات بين السودان وإيران، إلى جانب تعزيز العلاقات بين مصر وتركيا، وغيرها من التحالفات التي من شأنها أن ترسم شكلاً جديداً لتحالفات الشرق الأوسط.