خاص || أثر برس تمكنت القوات السورية في معارك ريف حماة الشمالي من إعادة رسم خريطة سيطرة تلك المنطقة، وذلك بعد استعادة العديد من القرى والبلدات الاستراتيجية ودخولهم إلى الحدود الإدارية لمحافظة إدلب بعد سيطرة “جبهة النصرة” عليها، في حين أنه منذ ما يقارب الشهر تقتصر عمليات القوات السورية في تلك الجبهة على التصدي لهجمات المسلحين المدعومين تركياً والرد على اعتداءاتهم التي تستهدف مناطق المدنيين، ويتزامن اقتصار عمليات القوات السورية على هذا الأمر مع مجموعة متغيرات داخلية تطرأ على جبهة الفصائل المسلحة و”جبهة النصرة”.
أبرز المتغيرات التي طرأت على تلك الجبهة هو إعلان بعض الجهات الدولية عن وقف دعمها للكوادر الطبية التابعة لـ”جبهة النصرة” والفصائل المسلحة ومن بينها منظمة “الخوذ البيضاء” التي أثبتت الكثير من الوقائع أنها تظهر بواجهة العمل الإغاثي في حين أن لديها الكثير من المهام البعيدة عن المجال الطبي والإنساني، ما يعني بدء تراجع التمويل للمؤسسات التابعة لهذه المجموعات المسلحة.
الجدير بالذكر أن “جبهة النصرة” والفصائل المسلحة في إدلب يعتمدون في العمليات العسكرية التي ينفذوها ضد القوات السورية، فقط على الدعم التركي وبعض الجهات الدولية إضافة إلى دول الخليج، فبالنسبة للجهات الدولية بدأت تخفض من دعمها المادي لهذه المجموعات، والسعودية قررت أيضاً وقف دعمها للفصائل المسلحة الموالية لتركيا وفقاً لما أكده أحد المسؤولين في “لواء المعتصم” مصطفى سيجري، كما أعلنت مسبقاً صحيفة “تايمز” أن وزارة الخارجية البريطانية وإدارة التنمية الدولية قررتا أن برامج المساعدات في المناطق الشمالية الغربية من سورية “يتعذر استمراره“.
وفي ظل وقف دعم بعض الدول الأوروبية والخليجية، لم يبق سوى تركيا لتكون الداعم الأساسي لهذه المجموعات المسلحة، لكن بعد إعلانها عن استلام منظومة “إس400″ الروسية في 12 تموز، الأمر الذي يعد مرتبط إلى حد كبير بهذه المعركة، فلم يعد باستطاعة تركيا تجاوز روسيا في هذه المعركة ولم تعد تتمكن من تحريض الفصائل المسلحة و”النصرة” على أي اعتداء أو عملية ضد القوات السورية أو تحمل مسؤوليته، ما يعني أن تركيا بعدما استلامها لمنظومة “إس 400″ باتت مجبرة على إعادة حساباتها أمام الجانب الروسي، وبالتالي فهي مجبرة على التخلي عن دعم الفصائل و”النصرة” وتقديم الكثير من التنازلات لروسيا في هذه المعركة.
وبالإضافة إلى هذا الملف، فيبدو أن تركيا في المرحلة الحالية تتوجه إلى مناطق الشمال السوري لمواجهة “الوحدات الكردية”، وبالتالي لم تعد قادرة على الاهتمام بما يحدث في إدلب ومصير “جبهة النصرة” والفصائل المسلحة الأخرى التي تدعمها، وإن أرادت مساعدة مسلحيها في هذه المرحلة فلا خيار أمامها سوى نقلهم إلى جبهات الشمال السوري لمواجهة “الوحدات الكردية” أي مواجهة المعسكر الأمريكي كون أن هذه “الوحدات” مدعومة أمريكياً ومصيرها بيد واشنطن.
وهذه الأمور قد تدفع بالعديد من المسلحين إلى التراجع والانسحاب من هذه العملية، خصوصاً وأن غالبيتهم العظمى يعملون مع هذه المجموعات بسبب الدعم المادي أو الحصول على مناصب معينة، وهذا وفقاً لما أكدته مسبقاً وسائل إعلام معارضة عندما تحدثت عن اقتتالات بين المجموعات المسلحة أسبابها إما مادية أو للحصول على مكاسب أخرى.
ويضاف إلى هذه الملفات حالة الرفض الموجودة لدى المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها “النصرة” وفصائل تركيا، لا سيما الذين مُنعوا بالتهديد والاعتداء من الخروج عبر المعابر الإنسانية التي فتحتها الدولة السورية للمدنيين قبل بدء المعركة لحمايتهم من مخاطرها.
هذه المتغيرات تشير إلى ضعف كبير يصيب جبهة المجموعات المسلحة من ناحية الدعم المالي والقاعدة الشعبية والعامل النفسي لكل فصيل على حدى، الأمر الذي يمهد للقوات السورية لبدء المرحلة الثانية من العملية العسكرية لتستعيد خلالها إدلب بأكملها.
زهراء سرحان