إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بـ”السيادة الإسرائيلية” على الجولان السوري المحتل، لاقى الكثير من الإدانات والانتقادات من الدول العربية والغربية، والدولة السورية توجهت بالشكر لهذه الدول باستثناء تركيا، حيث وصف نائب وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد، تصريح الرئيس التركي رجب طيب أدروغان بأنه قائم على التناقض والنفاق.
المقداد أراد من خلال هذا التصريح التذكير باحتلال تركيا لعدة مناطق في الشمال السوري وجزء كبير من محافظة إدلب وسعيها لاحتلال المزيد من المناطق، ويريد لفت نظر المجتمع الدولي إلى أن كل من “إسرائيل” وتركيا يمكن وضعهما في خانة واحدة وهي خانة المحتل، إضافة إلى أنه بهذا التصريح ذكّر بقضية احتلال تركيا لمناطق في الشمال السوري، من خلال الحديث عن الجولان السوري المحتل.
خبراء ومحللون روس أيضاً وصفوا التصريح التركي حول هذا القرار الأمريكي بأنه مجرد لعبة، حيث قال العضو المراسل في أكاديمية العلوم العسكرية، المحلل السياسي سيرغي سوداكوف: “إن تركيا بإدانتها تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول سورية، بدأت لعبتها في العلاقات مع موسكو”، وفقاً لما نقلته صحيفة “سفوبوديانا بريسا” الروسية.
واللافت أن فكرة الاحتلال التركي للأراضي السورية وتدخلها بشؤون الدول العربية بشكل عام، تم تداولها في القمة العربية التي عقدت مؤخراً في تونس، حيث خصص أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في كلمته التي ألقاها خلال القمة مساحة للحديث عن الدور الذي تلعبه تركيا وذلك في إطار حديثه عن القرار الأمريكي المتعلق بالجولان السوري المحتل، حيث قال: “التدخلات التركية فاقمت الأزمات وأدت إلى إطالتها بل استعصاء حلها وخلقت مشكلات جديدة، لذلك فإننا نرفض هذه التدخلات وما تحمله من أطماع ومخططات” مضيفاً أن “من غير المقبول أن يكون لبعض الدول الإقليمة جيوباً في مناطقنا تسميها على سبيل المثال مناطق آمنة” في إشارة إلى المشروع الذي اتفقت عليه تركيا مع الولايات المتحدة في الشمال السوري، وذلك لتضمن من خلالها وجود ثابت لها في الشمال السوري.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فبالتأكيد لن تساعد تركيا في سورية على حساب مصالحها وهي علاقتها مع الأكراد في المرحلة الحالية، ولن تقبل أيضاً بشن عملية عسكرية شرق الفرات، حيث كشف عضو المكتب السياسي في أحد أحزاب “المجلس الوطني الكردي” فؤاد عليكو عن اجتماع مع السفير الأمريكي وليام روباك، تم فيه الإعلان عن أن خطة واشنطن في هذه المرحلة هي تقسيم منطقة شرق الفرات وإعادة إعمارها من جديد بعدما دمرتها طائرات “التحالف الدولي”، ما يشير إلى أن الولايات المتحدة في هذه المرحلة لن تقبل بحرب تعيق مخططاتها في تلك المنطقة.
يبدو أنه بات على تركيا أن تعلم بأنه لايوجد في السياسة حليف دائم، وأن خيوط لعبتها بدأت بالانقطاع ويمكن أن يستغني عنها حلفاؤها بأي وقت، فلا روسيا مستعدة لزعزعة علاقتها مع الدولة السورية من أجل أنقرة ولا الولايات المتحدة مستعدة للتخلي عن أراضي شرق الفرات السورية، وحتى “جبهة النصرة” التي ساعدتها تركيا على الانتشار في إدلب عرقلت مسير الدوريات التركية في المحافظة لأنها لم تنسق معها، وفي النهاية الدولة السورية مستعدة لإرسال التعزيزات العسكرية إلى محيط إدلب وأمر المعركة تم اتخاذه، بانتظار ساعة الصفر، إدلب ستعود للدولة السورية.