نال ملف التقارب السوري- التركي اهتماماً لافتاً في الأوساط السياسية والإعلامية، منذ أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، رغبته بلقاء الرئيس بشار الأسد، وإعادة العلاقات مع دمشق إلى ما كانت عليه في الماضي، الأمر الذي أظهر أهمية هذا الملف وتأثيراته التي يمكن أن تؤثر في ملفات أخرى في سوريا، سيما ملف “الوحدات الكردية” والدعم الأمريكي لها والوجود العسكري الأمريكي شرقي وجنوب شرقي سوريا.
في هذا السياق نشرت صحيفة “حرييات” التركية تقريراً لفتت فيه إلى تزامن الحديث عن التقارب السوري- التركي مع الزيارة التي أجراها قائد القيادة المركزية الأمريكية مايكل كوريلا، منتصف تموز الجاري إلى القواعد التي تتمركز فيها قوات أمريكية شرقي سوريا، إذ أشار المقال الذي ترجمته صحيفة “الأخبار” إلى أن زيارة كوريلا وبيان القيادة المركزية الأمريكية أوصلت رسالة إلى تركيا مفادها “أنتِ واصلي برنامج التطبيع مع دمشق، أمّا أنا فسأواصل التعاون مع قوات سوريا الديموقراطية، أي حزب العمال الكردستاني وحزب الاتحاد الديموقراطي”، وبرأي الكاتب، فإن “هذا هو بيت القصيد، وهو لافت لأنه يجيء قبل زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى أنقرة”.
بدورها، نقلت وكالة “تاس” الروسية عن خبير روسي قوله: “إن عملية دفع العلاقات بين تركيا وسوريا باتت أمراً لا رجعة فيه، والولايات المتحدة تحاول التدخل في الجهود المبذولة في هذا الاتجاه”، ورأى أنه “بما أن واشنطن لا تدعم جهود تركيا لتطبيع العلاقات مع سوريا، فمن الواضح أنه في الظروف التي تتحدث فيها أنقرة عن وجود إرادة سياسية للتطبيع، تحاول الولايات المتحدة التدخل في هذه العملية، لكن الجليد بين الطرفين السوري والتركي قد انكسر بالفعل”.
وعودة العلاقات بين سوريا وتركيا تتم برعاية وسيطين رئيسيين، وهما روسيا وإيران، بالإضافة إلى الوساطة التي أعلنها العراق مؤخراً، الأمر الذي من شأنه أن يزيد القلق الأمريكي من هذه العملية، وفي هذا الصدد نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن آخر سفير أمريكي في سوريا روبرت فورد، قوله: “من المستحيل فصل وساطة العراق بين أنقرة ودمشق، عن هدف طهران المتمثل في إخراج القوات الأميركية من سوريا”.
كما نقلت الصحيفة عن مصادرها قولها: “إن الفترة التي نشطت فيها التصريحات التركية والردود السورية على أعلى مستوى، أوحت بأن ملفات المنطقة ذاهبة باتجاه إيجاد مخارج للحلول”.
كما أكد الباحث في الشأن الإيراني، محمود البازي، في تقرير نشره موقع قناة “الحرة” أنه “إذا ما تم التطبيع بين أنقرة ودمشق برعاية روسية وإيرانية فقد تعتبره طهران مناسباً ومفيداً لها”، موضحاً أن “المستهدف سيكون هو قوات سوريا الديمقراطية، التي تعد حليف الأمريكي القوي”.
وحول احتمال إنجاز مهمة التقارب من دون وساطة إيران نقل موقع “الحرة” كبير الخبراء الأمريكيين في “المجلس الأطلسي”، ريتش أوتزن، أن “روسيا لا تستطيع تحقيق المصالحة بين أنقرة ودمشق بعيداً عن إيران”.
يشار إلى أن ملف التقارب السوري- التركي لم يشهد بعد أي تطورات عملية، وتقتصر مستجداته على التصريحات التركية والتسريبات الإعلامية، في حين تشدد دمشق على أن هذا التقارب يحتاج إلى مجموعة من المتطلبات وأبرزها الانسحاب التركي من الشمال السوري.