خاص|| أثر برس شكاوى عدة وصلت إلى “أثر” تطالب بضرورة تعزيل فروع نهر بردى في دمشق، إذ أشار أهالٍ من دمر، القاطنون خلف قصر الأمير عبد القادر الجزائري بجانب السور العلوي من جهة دمر الشرقية – التعمير القديم، إلى أن المياه مقطوعة عنهم منذ فترة طويلة، الأمر الذي تسبب بزيادة الحشرات والقوارض، كذلك تتسبب الأنقاض والنفايات التي تغلق بعض فروع نهر بردى بانبعاث روائح كريهة.
كما أكد البعض الآخر أن حجم التلوث في نهر بردى بات كبيراً وسط تخوّف من تفشي الأمراض، إذ أن الأوساخ تنتشر على أطرافه، في ظل انخفاض واضح بمنسوب المياه وإهمال كبير بما يتعلق بالصيانة وإزالة الأوساخ من المجرى إضافة إلى أن الروائح المنبعثة من مجرى النهر وفروعه تثير انزعاج سكان الأبنية وكذلك المارّة، نتيجة شح المياه وتراكم القمامة والأوساخ فيه، وخصوصاً خلال ارتفاع درجات الحرارة في الصيف.
اختلاط مياه الصرف الصحي:
فيما لفت أهالٍ من وادي بردى إلى أن أهم أسباب تلوث النهر، هو اختلاط مياه الصرف الصحي مع مياهه، عبر تصريف حمولات كبيرة من مياه الصرف المنزلي والصرف الصحي، إضافة إلى مياه الصرف الصناعي، ناهيك عن الإفراط في رش الأسمدة والمبيدات الحشرية من قبل المزارعين، كذلك انتشار الصناعات والمقالع والكسارات التي لا تراعي الشروط البيئية، والتي تنتشر في محيط النهر، فضلاً عن رمي الأوساخ ومخلفات تلك الصناعات في النهر، وعدم التزام المنشآت السياحية والمطاعم والمقاهي الموجودة على ضفافه برمي المخلفات فيه، مع تصريف الملوثات الصناعية مباشرة للنهر دون معالجتها.
مشكلات بيئية:
مصادر في محافظة دمشق بينت لـ “أثر” أنه انطلاقاً من أهمية هذا الموضوع وتشعباته، أقام المعهد العالي للتخطيط الإقليمي بالتعاون مع الاتحاد الوطني لطلبة سوريا مؤتمراً بهذا الشأن، لافتة (المصادر) إلى أن دمشق وغوطتها تعاني من مشكلات بيئية ويمكن اعتبار تلوث النهر وشح مائه أبرز هذه الإشكاليات والتحديات.
تراجع تدفق نهر بردى:
وبحسب المصدر، استمر تدفق مياه نهر بردى إلى أوائل القرن العشرين، فيما بدأ بعدها يتراجع تدريجياً لأسباب ثلاثة، الأول: طبيعي يرتبط بميل المنطقة ككل نحو الجفاف، والثاني: بشري يرتبط بزيادة حجم الاستهلاك الزراعي والمنزلي والصناعي لمياه النهر نتيجة التزايد السكاني والتوسع في مجالي العمران والصناعة، وما نتج عنه من استغلال مفرط غير مدروس للموارد المتاحة، أما الثالث فيتمثل في زيادة نسبة التلوث وخروجها عن المستويات المقبولة مما أدى إلى تشويه حقيقي للنهر وتاريخه.
محاولات غير مجدية:
وأضافت المصادر أن هناك محاولات كثيرة قامت بها المؤسسات المعنية لتأمين جريان نظيف للنهر، لكن هذه المحاولات لم تفلح حتى الآن، وفي سياق البحث عن حلول اضطرت هذه المؤسسات لتنفيذ مشاريع لتخليص النهر من مياه الصرف الصحي التي بات تدفقها في النهر معضلة مزمنة، ولا بد من حلول جذرية، ومحطة عدرا المركزية واحدة من هذه الحلول، لكن مع عجز محطة عدرا وغيرها من مشاريع الصرف الصحي عن الاستيعاب المطلوب لحجم وارد الصرف الصحي حتى يومنا هذا من جهة، ومن حيث معالجة المياه الواردة من جهة أخرى، أدى إلى استمرار التلوث في مجرى النهر وشح الجريان.
إجراءات لإحياء بردى:
ونوهت مصادر المحافظة لـ “أثر” بأن الهدف الرئيسي لمشروع إعادة إحياء بردى الذي تم إطلاقه، هو دراسة إمكانية إعادة تنظيم جريان نهر بردى وتنظيفه وحمايته، وتوثيق الأهداف المطروحة عبر استعادة الجريان بمتابعة وصون المنابع والتدفق، ومنع التعديات الجائرة عليه ومكافحة التلوث بكل أسبابه وأشكاله، ووضع الضوابط الرادعة لتنفيذ ذلك، والمحافظة على مجرى نهر بردى كمحور مائي بشريط أخضر، بالإضافة إلى وضع دراسات هندسية وبيئية تأخذ بعين الاعتبار مستقبل النهر والحاجة الماسة لمياهه لدمشق وأهلها.
وأكدت المصادر أنه من أجل تنفيذ هذا المشروع الحيوي، تم إعداد دراسة تنفيذية لإعادة إحياء نهر بردى وهي على ثلاث مراحل منها التمهيدية، وهي تمتد من دمر شرقاً، وصولاً إلى حديقة تشرين، وتتلخص الأعمال بإزالة تعديات شبكة الصرف الصحي على مجرى النهر.
المرحلة الأولى وتتمثل بإعادة تأهيل محطات المعالجة، وتنفيذ محطات معالجة جديدة، وتنفيذ الطريق السياحي ضمن مسار طريق الربوة.
المرحلة الثانية تتمثل بإعادة تأهيل ضفاف مجرى النهر، من خلال خزانات تجميع للمياه وإعادة ضخها.
وحالياً تقوم المحافظة بالتنسيق مع الجهات المعنية للبدء بتنفيذ إزالة تعديات الصرف الصحي عن مجرى نهر بردى من حدود منطقة دمر البلد وصولاً إلى حديقة تشرين، وجمع مياه الصرف الصحي لإيصالها إلى محطة المعالجة تحت جسر /16/ تشرين لمعالجتها وإعادة ضخها إلى مجرى النهر لتعبر مدينة دمشق بمياه نظيفة.
يذكر أن نهر بردى يعد مصدراً مائياً رئيسياً لدمشق وريفها، إذ إن أكثر من 70% من الفلاحين يستخدمونه لري محاصيلهم الزراعية.
لينا شلهوب – دمشق