أثر برس

اقتصاديون يقدمون لـ “أثر” قراءة تحليلية اقتصادية حول ثبات سعر الصرف

by Athr Press G

خاص || أثر برس لوحظ في الأشهر الأخيرة ثبات سعر الصرف مقابل الليرة السورية في التسعيرة الدورية للمصرف المركزي، بعد سنوات طويلة من عدم ثباته وارتفاع سعر صرفه مقابل الليرة السورية بشكل دوري، “أثر” فتح ملف ثبات سعر الصرف وفق قراءة اقتصادية تحليلية وفق عدد من الخبراء.

أسباب الثبات:

يقول نائب عميد كلية الاقتصاد في حماة والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن محمد خلال حديثه مع “أثر” إن استقرار سعر الصرف خلال الفترة الماضية في المصرف المركزي جاء من خلال السياسة النقدية التي اتبعها المصرف المركزي، إذ رفع وتيرة الرقابة على حركة الكتلة النقدية بالليرة السورية، وزاد تحصيله للقطع الأجنبي وبالسعر الرسمي من خلال الحصول عليه عبر الرسوم التي تدفع لتصديق الوثائق في الخارجية، وتصريف الـ 100 دولار أو ما يعادلها على الحدود بالسعر الرسمي، كما أن تحسن سعر صرف الحوالات زاد من التحويلات والحوالات المالية من قبل السوريين، التي تصب في خزينة المركزي وانعكس ذلك إيجاباً على استقرار سعر الصرف، ويضاف على ذلك نهضة قطاع السياحة، فعودة الأجواء السياحية الملموسة خلال موسم الصيف يلعب دوراً هاماً في دعم واستقرار القطع الأجنبي، والعوامل السياسية التي ستنعكس بانفتاح الحركة التجارية بين الحدود، في حال حدوث التقارب التركي “المرتقب” مع سوريا.

وبحسب الخبير محمد، فإن استقرار سعر الصرف لفترة زمنية مناسبة، سيساهم في ضبط رصيد الميزان التجاري ويجذب الاستثمار الأجنبي المباشر الذي تعمل على رفع معدلات النمو الاقتصادي ومحاربة التضخم.

ويرى الخبير محمد أنه “عندما يتحسن سعر صرف العملة المحلية، فأسعار المواد تبقى كما هي ولا تشهد أي انخفاض بسعرها؛ لأن التاجر عندما يشعر بقرب ارتفاع في سعر الصرف يرفع الأسعار بشكل فوري، لكنه لا يقوم بتخفيض الأسعار عند انخفاضه كونه يعتبر نفسه خاسراً، وهنا تكون الحلول من خلال تدخل الرقابة وتحديد أسعار السلع والمواد الغذائية بشكل مناسب وعند تحديد سعر مناسب للسلع وضبط فعال للأسواق مع فرض عقوبات مناسبة على كل تاجر لا يتقيد بالأسعار المفروضة من قبل الحكومة، في هذه الحالة ستشهد الأسواق انخفاض في قيمة السلع والمواد والخدمات بما يتماشى مع تحسن سعر الصرف”، وفق توصيف الدكتور محمد.

وفي ختام حديثه مع “أثر” أوضح الدكتور محمد أن متطلبات تحسين سعر الصرف مقابل الليرة السورية تتمحور في نقاط عدة وهي: زيادة التدفقات النقدية الأجنبية حيث شهدت سوريا في الفترة الأخيرة تدفقات نقدية كبيرة من العملة الأجنبية سواء من خلال تحويلات السوريين العاملين بالخارج أو ارتفاع عائدات السياحة، ما ساهم في زيادة الاحتياطيات النقدية من العملات الأجنبية، وعزز موقف الليرة أمام الدولار، وإلى جانبها الإصلاحات الاقتصادية المستمرة التي تؤدي إلى استقرار الاقتصاد وتخفيف الضغوط التضخمية، ما يؤدي إلى جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة؛ ما يزيد من توفر الدولار في السوق، بالإضافة لتحركات المصرف المركزي فإذا عمل المصرف المركزي على اتخاذ إجراءات لدعم قيمة الليرة السورية، مثل رفع أسعار الفائدة لامتصاص السيولة الزائدة وتقليل الطلب على الدولار، ومن المتطلبات أيضاً التطورات السياسية الإيجابية والتراجع العالمي للدولار والاهتمام بدوران عجلة الإنتاج وخصوصاً في القطاعين الزراعي والصناعي لذا ستساعد هذه الخطوات في تعزيز الثقة بالعملة المحلية.

سياسة مالية هدامة:

من جانبه، يوضح الخبير الاقتصادي جورج خزام لـ”أثر” أن سياسة المصرف المركزي بالتثبيت الوهمي لسعر صرف الدولار هي سياسة مالية هدامة للاقتصاد الوطني، لأنها قائمة على تجفيف المستوردات من السوق من أجل تخفيض الطلب على الدولار والنتيجة انهيار الإنتاج، والوسيلة لتجفيف ذلك هي منصة تمويل المستوردات “سيئة السمعة” بالمصرف المركزي، بحسب وصفه، حيث يقوم المستورد بإيداع الأموال بالليرة السورية بالمصرف المركزي وينتظر دوره بالتمويل بالدولار للاستيراد، وهنا يقوم المصرف بجعل المستورد ينتظر دوره لأشهر من أجل تخفيض الطلب على الدولار وفي هذه الفترة ترتفع الأسعار بشكل كبير جداً  بالرغم من انخفاض أو ثبات سعر صرف الدولار وذلك بسبب التراجع الحاد بالكمية المعروضة للبيع بالمقارنة بحجم الطلب.

تخفيض القوة الشرائية:

ويرى خزام، أن إحدى الوسائل الهدامة للاقتصاد الوطني لتخفيض الطلب على الدولار من أجل تثبيت سعره ليس فقط تخفيض الاستهلاك، وإنما إفقار المواطن وتخفيض القوة الشرائية للدخل بشكل عام من أجل تخفيض كمية مشترياته، لأن زيادة الاستهلاك تعني زيادة الطلب على الدولار حتى لو كانت البضاعة وطنية، كونه بالأساس لا يوجد بضاعة وطنية بشكل كامل، وكلها مواد أولية مستوردة وجميع البضائع الوطنية يدخل بتصنيعها نسبة كبيرة من المستوردات بسبب القضاء على الزراعة والصناعة عن سابق الإصرار والترصد من أجل تشجيع الاستيراد والتهريب وقبض العمولات، وفقاً للخبير خزام.

وأردف الخبير خزام: “إحدى الوسائل التي يعتقد المصرف المركزي بأنها تؤدي لتخفيض الطلب على الدولار هي تقييد حرية سحب الأموال من المصارف من أجل تخفيض الاستهلاك وتخفيض الإنتاج وتقييد حركة البضائع بالأسواق، ولكن النتيجة هي العكس تماماً من ناحية زيادة الطلب على الدولار بسبب سهولة نقله وتخزينه وتحول الأشخاص من الادخار بالليرة السورية بالمصارف إلى الادخار بالدولار بالمنازل”.

انهيار الإنتاج وزيادة البطالة والكساد:

كما يعتقد الخزام أن أسوأ نتائج تخفيض الطلب على الدولار وتخفيض الاستهلاك هي انهيار الإنتاج وزيادة البطالة والكساد، وتراجع القوة الشرائية لليرة السورية، فلأول مرة بالعالم يتم تخفيض القوة الشرائية للدولار نفسه والليرة السورية معاً، أي أن كمية البضائع التي كان يشتريها مبلغ 100$ هي بحالة تناقص مستمر منذ بداية تطبيق هذه السياسة الهدامة لليرة السورية، والسبب هو ارتفاع التكاليف والأسعار بالليرة السورية بالرغم من ثبات سعر صرف الدولار.

ويختم الخزام حديثه بالتذكير بأن تراجع كمية البضائع المعروضة للبيع بالمقارنة بحجم الطلب بالأسواق بسبب سياسة تجفيف المستوردات بحجة تخفيض الطلب على الدولار من أجل تثبيت سعره، نتيجته انهيار الإنتاج وانهيار الليرة السورية والدخل بشكل عام، مضيفاً أن أحد أهم أسباب انهيار الإنتاج الوطني وعدم القدرة على المنافسة بالأسواق الخارجية والداخلية هو ارتفاع التكاليف بسبب سياسة تجفيف المستوردات بالمصرف المركزي، حيث ترتفع أسعار المواد الأولية بسبب تراجع كمية المواد الأولية المعروضة للبيع بالمقارنة بحجم الطلب، معتبراً أن الحل الوحيد هو تطبيق قواعد اقتصاد السوق الاجتماعي الحر الذي تتبعه دول الخليج وأوروبا والصين، حيث يتم تحرير الاقتصاد من بعض المسؤولين في مراكز اتخاذ القرار الاقتصادي والمالي الذين يصدرون قرارات لا تستند لأي منطق علمي، وإنما تستند لآراء شخصية قائمة على أفكار بالية ثبت بطلانها، وأكبر دليل هو انهيار الاقتصاد السوري.

أمير حقوق

اقرأ أيضاً