لم يتوقع أحد أن تصنف سوريا في يومٍ من الأيام ضمن البلدان الأقل أماناً في العالم، إلا أنها احتلت المرتبة الأولى ضمن قائمة أخطرعشرة دول عالمياً، للعام الثاني على التوالي.
البلد التي كانت تستقبل السياح من أصقاع العالم، أصبحت تصدر مواطنيها إلى الخارج، بسبب موجة الحرب التي ضربت أنحاء البلاد، فضلاً عن وجود ثالث أكبر مدينة صناعية عربية فيها وهي حلب، إلى أن وصلت بصناعاتها في العام 2010 إلى الاكتفاء الذاتي، فقد أصبحت اليوم وبحسب منظمة الأمم المتحدة لمنظمة الشؤون الإنسانية، أكثر البلدان حاجة بعد اليمن إلى المساعدات الإنسانية والطبية.
حيث أصدرت منظمة الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) تقريراً مفصلاً استعرضت من خلاله أكثر الاحتياجات الإنسانية في سوريا لعام 2018، إضافةً إلى العدد المتوقع للأشخاص المحتاجين للمساعدة.
وفي تقريرر صدر عن المنظمة جاء فيه “أن 13.1 مليون سوري بحاجة إلى مساعدات إنسانية، منهم 5.6 مليون بحاجة إلى مساعدات “ملحة” ليبقوا على قيد الحياة، بفعل حركات النزوح الداخلي وعمليات الاقتتال التي تدور في مناطقهم، وصعوبة حصولهم على المواد الغذائية”.
التقرير شدد على “أن الصراع هو السبب الأساسي في للاحتياج إلى المساعدات، فيما يتعرض المدنيون بمختلف أرجاء سوريا إلى مخاطر انعدام الحماية التي تهدد حياتهم بشكل يومي”، حسب ماورد فيه.
“احتياجات الناس شديدة وبعض الناس يصعب الوصول إليهم”
وعلى الرغم من زيادة إمكانية الوصول إلى مناطق شمال شرق سوريا، فإن احتياجات الناس في المناطق المحاصرة لا تزال شديدة، بسبب القيود المفروضة على السكان، وخطورة مناطق الاشتباك بسبب الحرب، والتي يصعب وصول السلع الأساسية والمساعدات الأممية إليها.
فضلاً عن عمليات تجنيد الأطفال التي تشكل مصدر قلق خاص لدى الأمم المتحدة، فيما أعلنت أن 18% من أصل 300 طفل تحت 15 عاماً، شاركوا في أدوار قتالية “نشطة” داخل سوريا.
“قذائف عشوائية في المناطق المكتظة”
التقرير السنوي الشامل لمنظمة الأمم المتحدة تطرق أيضاً إلى “ضرورة حماية المدنيين في المناطق السكنية المكتظة بالسكان، من التعرض لخطر التفجيرات والقذائف العشوائية التي تسقط بين الحين والآخر”، مشيرةً إلى “وجود 8.2 مليون سوري بحاجة للحماية في تلك المناطق”.
ولم تكتف المنظمة بالحث على حماية المدنيين، كما أنها انتقدت استهداف البنى التحتية والمراكز الحيوية في سوريا، ونوهت إلى حدوث 26 هجوماً على المدارس والمعلمين والطلاب، خلال النصف الأول من عام 2017، بالإضافة إلى 107 هجمات على المستشفيات والمراكز الصحية، خلال الفترة ذاتها”.
“ارتفاع مؤشر البطالة والفقر”
نسبة الفقر والبطالة بين السكان في سوريا ارتفعت أكثر من معدلاتها السنوية، رغم محاولات السكان بتقبل وضعهم المعيشي نوعاً ما، إلا أن البعض يلجأ إلى سبل أخرى لتامين لقمة العيش، كالانخراط في الأعمال القتالية، ومنهم من يستنفذ سبل الحصول على مورد كافي في الحياة فيلجأ إلى السفر والهجرة.
ووفق إحصائيات للأمم المتحدة توصلت إليها “أن 69 % من السكان يعيشون في فقر مدقع، ونتيجة لذلك استنفدت القدرة على التكيف لدى الكثير من الناس في المجتمعات المحلية الأكثر تضرراً في سورياً”، حسب آخر تقرير لها.
التقرير حذر من “لجوء الأسر إلى طرق “استغلالية وخطيرة” لتأمين أساسيات العيش، والتي يترتب عليها ظواهر خطرة، مثل عمالة الأطفال والزواج المبكر وتجنيد الأطفال واللجوء إلى الأعمال المسلحة”.
ودعا في نهايته إلى “ضرورة بذل الجهود لدعم قدرة الأسر والمجتمعات المحلية على الصمود أمام الصدمات الحالية والمستقبلية”.
يذكر أن غارات “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن، قامت بعملية تدمير ممنهج لمعظم المرافق و المراكز الحيوية من مدارس ومشافي ومنشآت نفطية في دير الزور والرقة وريفيهما، ضمن ما أسمته الحرب على “تنظيم داعش”.