يعلم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جيداً أن برنامج دعم وتسليح المعارضة السورية “المعتدلة” قد فشل، لذلك قام بتعطيله، وربما أيضاً لكي لا تصبح الولايات المتحدة الأمريكية في عزلة سياسية عما يجري في سوريا، فعندها ستسيطر موسكو على الأوضاع في الساحة السورية.
لذلك تسعى واشنطن إلى دعم اتفاقيات “تخفيف التصعيد” بما تضمنته من خطوات أولية لعزل “هيئة تحرير الشام” عن باقي الفصائل المعارضة.
وبعد يوم واحد على إعلان “الهيئة” جاهزيتها لحل نفسها في غوطة دمشق، أتى بيان المبعوث الأميركي إلى سوريا، مايكل راتني، ليجدّد موقف إدارة بلاده من “جبهة النصرة” باعتبارها منظمة “إرهابية” حيث حمّل راتني الجولاني العواقب الوخيمة التي ستحل بإدلب.
الملفت في بيان راتني أنه أتى علنياً، على عكس الرسائل السرية المتكررة التي أرسلها إلى فصائل المعارضة التي تدعمها بلاده.
ورغم أن تلك الرسائل كانت تجد طريقها دائماً إلى الإعلام، فإن نشر البيان عبر القنوات الرسمية الأميركية يحمل رسالة واضحة تشير إلى أن واشنطن ماضية في توجهها لعزل “النصرة” في إدلب.
وربما الخطوة الأكثر قُرباً للواقع في موضوع عزل “النصرة” جاءت عندما هاجم مقاتلو الجولاني جماعة “أحرار الشام” وسيطروا على شريط على الحدود مع تركيا بأقل من 3 أيام، وذلك في أشرس المعارك بين جماعات المعارضة منذ بدء الصراع.
ويبدو تصعيد واشنطن الإعلامي متّسقاً مع فحوى صيغة اتفاقات “تخفيف التصعيد” التي أبرمتها مع موسكو، والتي تتضمن عزل “النصرة” مقابل وقف إطلاق النار وتثبيت حدود السيطرة وتدفق المساعدات إلى داخل مناطق التهدئة.
من الواضح أن الرئيس ترامب يريد أن يحل خيوط الأزمة السورية المتشابكة بعد أن أوقف برنامج دعم المعارضة السورية، فهو يحاول أن يثبت أنه سيقف في خندق واحد مع بوتين، وأنه قادر على اتخاذ قرارات حاسمة بدون أي فواصل دبلوماسية، ولكن هل سيستمر الوضع على حاله أم أن هناك جولات إنعاش سيقدمها ترامب للمعارضة السورية، هذا ما ستثبته الأيام.