خاص || أثر بعد وفاة الطفل جود سكر بإحدى مشافي دمشق نتيجة خطأ طبي خلال عملية التخدير، أوضح رئيس اللجنة العلمية في الرابطة السورية لأطباء التخدير وتسكين الألم الدكتور فواز هلال لـ “أثر” أن الخطأ الطبي وارد في مختلف الاختصاصات الطبية ومنها التخدير لكن الخطأ يكون مباشر في الأخير لكونه يرتبط بشكل واضح بحياة المريض ويظهر للعيان.
وبيّن الدكتور هلال أن نتيجة تحليل مخبري أو تصوير شعاعي أو تشريح مرضي خاطئة تؤدي إلى تشخيص خطأ وأخذ استطباب خطأ يؤثر على حياة المريض ومعظمها أخطاء تبقى مستورة، بحسب تعبيره.
وقال د.هلال لـ “أثر”: “الخطأ الطبي في عملية التخـدير يكون إما خطأ علمي بسبب عدم أهلية من يقوم بالتخدير علمياً وقانونياً وينتج بسبب عدم التحضير الصحيح للمريض أو خطأ تقني يسمى تكنيكي خلال عملية التخدير فليس مهمة التخدير نوم المريض فقط بل دعم وظائف الحياة ومعالجة اضطراب النظم وتنفس المريض خلال العملية الجراحية”.
ولفت إلى وجود أخطاء أخرى منها عدم المتابعة بشكل صحيح للمريض بعد العمل الجراحي أو خطأ سلبي أي الامتناع عن تقديم أي فعل للمريض يكون بحالة صعبة تحمل خطورة خوفاً من المسؤولية.
وأوضح الدكتور هلال أن اختلاطات بعد التخـدير تختلف عن الخطأ وتتمثل في وجود أمراض خفية لدى الشخص أو ارتكاس غير مُتنبئ به.
وحول موانع التخدير، قال الدكتور هلال لـ “أثر”: “لا يوجد تخدير آمن 100% إذ يوجد احتمال خطأ، فمثلاً هناك أربعة حوادث لكل مليون حالة تخديرية للأشخاص الأصحاء الذين يجرى لهم عمل جراحي غير خطير”، موضحاً أن هناك عوامل خطورة مرافقة منها الربو وكون المريض مدخن أو مصاب بأمراض قلبية فكل ذلك يحدد نسبة خطورة التخـدير وهنا يحدد قرار العمل الجراحي بالموازنة بين مخاطر التخدير عليه ومخاطر عدم إجراء العمل الجراحي.
وتابع: “للتخـدير أنواع منه العام والموضعي والنصفي أو تخدير إحصار عصب عبر الإيكو أو الأشعة وكل إجراء يتطلب تدخلات بأنواع مختلفة حسب نوع العمل الجراحي ومدته”، موضحاً أن التخدير يتضمن مجموعة من الإجراءات تتراوح بين إجراء بسيط يتطلب تنويم المريض وتسكين الألم في العمليات الصغرى وتتطور إلى إجراءات معقدة كما في عمليات القلب المفتوح التي تتطلب تنويم وتأمين طرق هواء وقساطر قلبية وضبط دارة القلب والكثير من الإجراءات لدعم وظائف الحياة.
وشدد على أهمية أن يقدم المريض معلومات حول حالته الصحية وما يأخذ من أدوية وعاداته الشخصية وكل ما قدم معلومات دقيقة كانت أفضل إلى جانب الفحوصات التي تجرى قبل العمل الجراحي والتي أصبحت مكلفة بشكل كبير، بحسب تعبيره.
وأشار رئيس اللجنة العلمية في الرابطة السورية لأطباء التخـدير وتسكين الألم الدكتور فواز هلال خلال حديثه مع “أثر”، إلى أن عدد أطباء التخدير في سوريا قليل جداً إذا لايتجاوز 250 طبيب لكل سوريا، ومعظمهم أصبح بعمر التقاعد ولايزال الأطباء العاملين بهذا الاختصاص بعيدين عن حقهم المادي في المشافي خاصة المشافي الخاصة حيث يحصلون على أجور متدنية لا تقارن بقيمة تكلفة العمل الجراحي في المشافي الخاصة، موضحاً أنه نتيجة قلة عدد أطباء التخدير يتم الاعتماد على فنيي التخـدير في العمليات الجراحية سواء بالمشافي العامة والخاصة فمن المستحيل وجود طبيب اختصاصي تخدير بكل عمل جراحي لقلة عددهم.
ولفت الدكتور هلال إلى أنه منذ عام 2016 كانت المناشدة الأولى للتنبيه إلى خطر قلة عدد أطباء التخـدير الأمر الذي أثر على العمل بمختلف المشافي وضرورة دعم هذا الاختصاص وتشجيع خريجي كلية الطب على دخوله عبر إعطاء حقوق مالية صحيحة لهم لقاء عملهم في المشافي الخاصة على الأقل لكون المشافي الحكومية تقدم خدماتها مجانية أو بأجر رمزي والقطاع الصحي يمر بظروف صعبة بسبب الحرب على سوريا وتداعيات الحصار الاقتصادي لكن ما هو مطلوب على حد تعبير الدكتور هلال من وزارة الصحة اتخاذ قرار ملزم للمشافي الخاصة بتقديم الحقوق المالية لأطباء التخدير كغيرهم من الاختصاصات وإيجاد حلول جذرية لتلافي نقص أطباء التخدير.
كما شدد على أهمية وجود مظلة لحماية طبيب التخدير كما في باقي الدول لجهة وجود تأمين ضد الأخطاء الطبية الأمر الذي يعيد الثقة بين الطبيب والمريض، مؤكداً ضرورة وجود تامين طبي حقيقي يغطي بشكل فعلي النفقات الطبية أيضاً ليصار إلى إجراء استقصاءات واسعة يشملها الضمان الصحي للمريض.
وحول الأخطاء الطبية نتيجة التخـدير والتي حدثت مؤخراً، رأى الدكتور هلال أن طبيب التخدير هو ضحية كالمريض الذي حدث الخطأ معه، قائلاً: “طبيب التخدير ضحية منظمة طبية خاطئة اعتمدت على فنيي التخدير بشكل أكبر بسبب نقص أطباء التخـدير الذين يصعب تواجدهم في كل عمل جراحي حتى لو عمل على مدار 24 ساعة”، مشيراً إلى أنه يجب اتخاذ حلول موضوعية ومنطقية وسريعة من قبل وزارة الصحة ونقابة الأطباء.
واعتبر أن الحلول التي اتخذت للتشجيع على اختصاص التخدير أو الطوارئ للخريجين من ذوي المعدلات المنخفضة الذين لم يحصلوا على اختصاص آخر سوف تؤثر على قيمة الشهادة السورية.
وختم رئيس اللجنة العلمية في الرابطة السورية لأطباء التخـدير وتسكين الألم الدكتور فواز هلال، كلامه لـ “أثر” قائلاً: “حادثة الطفل جود سكر الذي توفي في مشفى العباسيين مؤخراً وغيرها من الحوادث ستتكرر في حال الاعتماد على فنيي التخـدير الذين يحتاجون إلى مزيد من الخبرة أو أشخاص غير اختصاصيين”، مضيفاً: “والقادم أسوأ و هنالك في الحياة أخطاء تبدو فردية ولكنها في الحقيقة هي نتاج لتجاهل حكومي لمشكلات متراكمة