لم تتأخر واشنطن بالرد على مقترح أنقرة بشأن تولي الجيش التركي محاربة تنظيم “داعش” في سوريا، مقابل وقف الدعم الأمريكي للوحدات الكردية شمال شرقي سوريا، إذ أعادت تسويق فصائل مسلّحة تديرها في قاعدة “التنف” التي تحتلها جنوبي سوريا عند الحدود السورية- الأردنية- العراقية.
ونقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر ميدانية قولها، إنّ “التسويق الأمريكي الجديد جاء بعد إجراء تدريبات لعناصر فصيل “جيش سوريا الحرة”، الذي يضم مقاتلين انخرطوا سابقاً في فصائل متشددة، وتعتبره دمشق وموسكو امتداداً لتنظيم “داعش”.
وتريد واشنطن بصورة غير مباشرة من عملية تسويق فصائلها في “التنف” أن تشير إلى امتلاكها بدائل من “قوات سوريا الديمقراطية – قسد”، من دون الحاجة إلى تركيا، وفي هذا الصدد لفتت المصادر إلى أنّ التسويق الأمريكي يرتكز على ذريعتين تمتلكهما واشنطن، الأولى تتعلق بمحاربة الإرهاب، والثانية ترتبط بملف المخدرات، إذ يجري تسويق هذا الفصيل على أنه قادر على حماية الحدود بين سوريا والأردن، الأمر الذي يؤكد تمسّك الولايات المتحدة بقاعدة “التنف”، حتى في حال قرر ترامب سحب قواته من المناطق الشمالية الشرقية في سوريا، لما تؤديه من دور كبير في تحصين “إسرائيل”.
فيدان: لم تتضح سياسة ترامب اتجاه سوريا بعد
وفي السياق نفسه، لفت وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في تصريحات صحافية أدلى بها يوم أمس في أنقرة، إلى أنّ “سياسة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بشأن سوريا لم تتضح ملامحها بعد”، معرباً عن اعتقاده بأن “إدارة ترامب ستعيد النظر في علاقتها بالوحدات الكردية التي تدعمها في سوريا”، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية.
وفي سياق العلاقات التركية- الأمريكية من جهة التنسيق في سوريا، أكد فيدان أنّ “المشكلات الاستراتيجية” بين أنقرة وواشنطن ستستمر طوال مواصلة الولايات المتحدة دعم الوحدات الكردية في سوري”، مشدداً على أنّ “الولايات المتحدة التي تنتهج سياسة خارجية تتركز على العامل الأمني، من المفترض أن تكون الأكثر قدرة على فهم مخاوف تركيا”.
وأفاد الوزير التركي بأن “تركيا تؤكد موقفها بشأن أمنها القومي من خلال خطواتها الدبلوماسية وسياساتها على أرض الواقع”، مشيراً إلى “اعتزام ترامب خلال ولايته الأولى سحب القوات الأمريكية من سوريا”، وأردف: “حاول ترامب وجرّب ذلك لكن النظام الأمريكي آنذاك لم يسمح بتحقيق هذا الهدف”.
ورأى فيدان أنّ “إدارة ترامب ستبني سياساتها بشأن سوريا خلال المرحلة المقبلة على نتائج تقييم مدى تأثير ما يحدث في سوريا بـ “إسرائيل” وأمنها.
كذلك توقّع الوزير التركي أنه “إذا حدثت “حالة من الجمود أو التهدئة” في الحرب الروسية- الأوكرانية، فقد يكون هناك مجال للنقاش بين موسكو وواشنطن بشأن الملف السوري وملفات أخرى”.
وكانت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية، قد أفادت في وقت سابق، بأن “تركيا اقترحت على واشنطن أن يتولى الجيش التركي -الذي يعد ثاني أكبر جيش بعد الجيش الأمريكي في حلف شمال الأطلسي- مسؤولية تنظيم “داعش” في سوريا، إذا سحبت الولايات المتحدة دعمها العسكري لـ “قوات سوريا الديمقراطية – قسد”.
وأضافت الوكالة نقلاً عن مسؤولين أتراك وأمريكيين، أنّ “تركيا أخذت تتحضر أيضاً لتولي مسؤولية آلاف مسلحي التنظيم المحتجزين مع عائلاتهم في سجون “قسد”.
وأشارت الوكالة إلى أنّ “العلاقات التركية- الأمريكية بدأت تتحسن في مطلع هذا العام بعدما شهدت توترات عدة، وذلك عندما وافقت تركيا على دخول السويد إلى حلف شمال الأطلسي، إذ وقّعت تركيا على صفقة لشراء 40 طائرة مقاتلة من نوع إف-16 من الولايات المتحدة”.
أثر برس