يبدو أن الاعتداء الأمريكي على الحدود السورية-العراقية والرد الفوري الذي تلقته القوات الأمريكية في تلك المنطقة دخل حيّز التحليلات الأكثر تعمقاً، في الأوساط السياسية لا سيما الأمريكية، ولم يقتصر المحللون الأمريكان في تحليلاتهم على الضربة بحد ذاتها، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك، كالبحث بسياسة الرئيس الأمريكي جو بايدن ومدى نجاحها وغيرها من الملفات.
وفي هذا الصدد كتب ديفيد سانجر، في صحيفة “نيويورك تايمز“: “بايدن يواجه تيارات متقاطعة مكثّفة في سياسته تجاه إيران والضربات الجوية التي أمر بها، تُظهر كيف يتعيّن عليه التنقّل بين استخدام القوّة، ومتابعة الدبلوماسية الهشّة لإحياء الاتفاق النووي”، وكذلك الأمر لفتت “واشنطن بوست” في صفحاتها إلى أن “بايدن يدافع عن سلطته عبر شنّ غارات جوية في العراق وسوريا” لافتة إلى أن “الضربات جاءت في وقت تبدو فيه المفاوضات النووية مع إيران أمام طريق مسدود”.
فيما نقل معهد “أميركان أنتربرايس” عن مايكل روبن، قوله: ” بايدن اختار إعطاء الأولوية للرمزية على الفعالية، إذا كان الغرض من الضربات الجوية المحدودة هو ردع عمل مجموعات مدعومة من إيران، فإنّها لم تنجح، أمّا بالنسبة إلى بايدن ومستشاره للأمن القومي جايك سوليفان، فإن توقّعهما أن تحقّق هذه الضربة ما لم تحقّقه الضربة السابقة، قبل أربعة أشهر، هو أمر يعكس الكسل، إن لم يكن التفكير الاستراتيجي الوهمي الذي يتبعه بايدن”.
وللتحليل الروسي أيضاً مساحة مما جرى، حيث نقلت صحيفة “نيزافيستيا غازيتا” الروسية عن الخبير العسكري يوري ليامين، قوله: “إن الوضع في العراق وسوريا، لا يمثل مشكلة كبيرة للقوات الروسية في سوريا، فهذا الجزء من الحدود مع العراق الذي تسيطر عليه الحكومة السورية يقع فيما يسمى بمنطقة مسؤولية قوات مدعومة إيرانياً، والوجود الروسي هناك محدود للغاية”.
بحسب مراقبون فإن هذه الآراء الأمريكية تعكس حقيقة رفض الداخل الأمريكي للتبرير الذي قدمه الرئيس جو بايدن، الذي اعتبر أنه بهذا العدوان كان يهدف إلى الحد من حالة تصعيد قد تحصل مستقبلاً، إلّا أن بعض المحللين يشيرون إلى أننا أمام سيناريوهين اثنين: أما المزيد من التصعيد أو الهدوء والاكتفاء بتبادل الرسائل هذه بين الجانبين، لكن ما هو مُتفق عليه في الأوساط الأمريكية وبحسب ما نشره الإعلام الأمريكي، فإن الوجود الأمريكي في سوريا والعراق اليوم أمام معادلة جديدة مفادها: أي اعتداء سيقابل بالرد وفوراً.