للوهلة الأولى ربما تظن نفسك في كابول!، لتكتشف فيما بعد أنك في مدينة إدلب الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة، مشاهدٌ عرضت عبر مقطع فيديو يوثق الحياة في هذه المدينة، مع الإشارة إلى أن التصوير تم بشكل سري من قبل ناشطين مجهولي الهوية.
الفيديو المذكور يُظهر عدة حقائق ربما كانت غائبة عن الجمهور العالمي بشكل عام، والجمهور السوري بشكل خاص، ولا سيما أن مدينة إدلب تعيش على وقع عدة قوى وعدة فصائل مقاتلة، أبرزها “حركة أحرار الشام” و”جبهة النصرة”.
بداية، تتمحور مشاهد المقطع المصور حول توزع فصائل المعارضة في مدينة إدلب، 38 حاجز تفتيش نُصب على الطرق الرئيسية في المحافظة، 21 حاجزاً تابعاً لتنظيم “جبهة النصرة”، و6 للفصائل المتحالفة معها، فيما هناك 10 حواجز تابعة لـ “حركة أحرار الشام” وحاجزان فقط لـ “الجيش الحر”.
ويوضح الفيديو مدى الارتباط الوثيق بين إدلب وتركيا -جغرافياً وعسكرياً ولوجوستياً- حتى أن المقيمين في المحافظة يستطيعون العبور نحو تركيا عبر معبر باب الهوى باتجاه بلدة خربة الجوز، وصولاً إلى قرية يوفاتشي التركية.
طبيعة الحياة في المدينة أخذت حيزاً من المشاهد أيضاً، احتجاجات علنية من قبل السكان ضد “جبهة النصرة” في مدينة معرة النعمان، لافتات منددة معلقة على الجدران، مظاهرات يومية تكاد لا تتوقف.
التونسيون ينتشرون بين الأهالي في أحياء إدلب، يتبضعون من المحال التجارية، ولاسيما في مناطق انتشار “حركة أحرار الشام”، كما يبين الفيديو مشاهد لمقاتلين عرب يحملون طابع “التشدد الإسلامي” مقيمين هم وعائلاتهم في المدينة.
وأظهر الفيديو أيضاً مشاهد حصرية لما يسمى “كتيبة الأوزبيك”، إذ تقاتل هذه الكتيبة جنباً إلى جنب مع “جبهة النصرة”، فضلاً عن أن مقاتليها جلّهم من الصين ودول آسيا الوسطى.
يبدو أن “جبهة النصرة” لا تنحصر في نقاط التفتيش المنتشرة في المحافظة، ولاسيما أن الفيديو يُظهر مكاتب تابعة لـها ومؤسسات عسكرية ومراكز تجنيد ودور قضاء ومعاهد تدريب، كلها تصب في إطار زرع الأفكار وفرض الشريعة التي يؤمن بها مقاتلو “النصرة”.
وكشف التقرير أيضاً عن سجن سري قرب كفرنبل، يعرف بـ “سجن العقاب” تديره “جبهة النصرة” ويقع تحت الأرض، يُسجن فيه المعارضون السياسيون الذين يشتبه في انتمائهم للفصائل المعارضة المعادية لـ “النصرة” أو أنصار الحكومة السورية أو عملاء “التحالف الدولي” أو حتى مؤيدو تنظيم “داعش”.
الفيديو المسرب عُرض بشكل حصري على قناة إماراتية تحمل اسم “الآن”، وسرعان ما لقيَ انتشار واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط انتشار مئات التغريدات التي تصف الحياة في إدلب بأنها “غريبة الأطوار وغير مفهومة”.