“ميرنا”، طفلة سورية تبلغ من العمر أربع سنوات، قرر والدها تسجيلها في الروضة هذا العام، فقصد إحدى الروضات في مدينته حماه وقام بتسجيل ابنته الوحيدة، والتي رزق بها بعد 11 عاماً من زواجه، لكن الأب تفاجأ بقرار إدارة الروضة بعد يوم من تسجيل الطفلة بعدم وجود أمكان شاغرة لابنته، ولدى استفساره عن السبب جاء الجواب مباشرة “عم تخوف الولاد!”.
وفي حديثٍ لقناة “الجديد” مع والد الطفلة لم يخف الأب مصطفى محمود ربيعه مشاعر الحزن والكره التي عاشها خلال الساعات الأولى من تلقيه الخبر، حيث اصطحب ابنته الوحيدة وعاد بها إلى المنزل حائراً، قبل أن ينصحه أحد أصدقائه بنشر حكاية ابنته على موقع “فايسبوك”.
بعد قيام إحدى الصفحات الناشطة من مدينة حماة على “فايسبوك” بنشر حكاية الطفلة وما جرى معها، لقيت الطفلة تعاطفاً كبيراً من رواد الموقع، فتناقلت قصتها عشرات الصفحات الأخرى، لتغدو “ميرنا” قضية رأي عام خلال ساعات.
وقال والد “ميرنا”: “بعد انتشار حكايتها قصدت مديرية التربية التي تبنت القضية فوراً وتجاوبت معها، فقمت بتسجيل شكوى نظامية، وفي اليوم التالي اتصل بي مدير تربية حماة وأخبرني أنه يمكنني تسجيل ابنتي في نفس الروضة فرفضت فعرض علي روضة أخرى ترغب بمقابلة ابنتي لضمها إلى صفوفها، وبالفعل أجرينا المقابلة وقامت إدارة الروضة الجديدة بتسجيل ابنتي أصولاً والتحقت بصفوفها التعليمية “.
الطفلة ميرنا لا تعاني من أي مرض عقلي أو نفسي، تحدثت بلغة الطفولة الطبيعية في يومها الأول في الروضة “عطوني ورقة ورسمت رسمة” قالتها بفرح طفل وجد لعبته المفضلة، دون أن تعلم ما مر بها خلال الأيام الماضية.
“روضة براعم العمران” التي قامت برفض الطفلة أصدرت بياناً نشرته عبر صفحتها على موقع “فايسبوك” نفت من خلاله أن تكون قد رفضت الطفلة بسبب شكلها، مدعية أن رفضها جاء بسبب اكتمال الصفوف فيها، قبل أن يقوم القائمون على صفحة الروضة بالرد على بعض التعليقات الغاضبة بأن “هذه الروضة خاصة ويحق لها أن تقبل أو ترفض من تشاء”.
بدوره، أكّد مدير تربية حماة يحيى منجد لموقع قناة “الجديد” أنه تم إرسال لجنة مختصة من الرقابة إلى الروضة لمتابعة هذه الحادثة موضحاً أن “الروضة ستعاب حتماً وفق القانون”، وقال منجد: “يوجد قانون ناظم وواضح لعمل الروضات ولا يحق لإدارة أي روضة أن ترفض أي طفل”، وتابع “نطلب من كلّ من يتعرض لأي موقف مشابه أن يقوم بمراجعتنا على الفور”.
حكاية “ميرنا”، التي أصبحت نجمة في العالم الافتراضي كشفت أمراضاً اجتماعية ونفسية تعاني منها مجتمعاتنا بكل تأكيد، إلا أنها كشفت أيضاً التأثير الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي وفعالية هذه المواقع في حياة السوريين اليومية، فلولا “السوشيال ميديا” ربما كانت “ميرنا” الآن حبيسة جدران منزلها، يقف والدها الذي يعمل سائقاً، حائراً بمصير ابنته، وكارها للأمراض النفسية والمجتمعية التي ستحرم طفلته الوحيدة من حقها في الحياة بشكل طبيعي بسبب أنفها الذي لم يعجب ربما إدارة الروضة.