أثر برس

سوريا بين الطموحات التركية و”الضربات الإسرائيلية”

by admin Press

خاص|| أثر برس في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها الساحة السورية، يبرز تساؤل ملح حول مستقبل استقرار البلاد ومسار علاقاتها الخارجية، مع تزايد التحديات المتعلقة بالتوغل الإسرائيلي في الجنوب واستمراره بحملات قصف المنشآت الدفاعية للجيش السوري وازدياد التوترات بين تل أبيب وأنقرة مع اعتزام الأخيرة نشر قواعد عسكرية على الأراضي السورية.

حيث تجد الحكومة في دمشق نفسها أمام معضلة تكمن في عدم الانجرار وراء الطموحات التركية المتنامية في سوريا، وبين خفض التصعيد واحتواء الاستفزازات مع “إسرائيل”، وتجنب وقوع الأراضي السورية في ساحة مواجهة إقليمية بين أنقرة وتل أبيب مع تقاطع مصالحهما الجيوسياسية.

ويرى مراقبون ومحللون سياسيون أن سوريا بحاجة للتوفيق ما بين القوى الإقليمية والدولية الفاعلة في سوريا، وفي تطوير علاقاتها الخارجية على أسس التعاون الثنائي، خصوصاً وأن معسكر الغرب لم يعترف بشكل كامل بضرورة استقلال سوريا ووحدتها وسيادتها على كامل أراضيها، حيث نرى دولاً كالولايات المتحدة الأمريكية تقايض مسألة رفع العقوبات عن سوريا بشروط تحفظ أجنداتها في المنطقة، وتدعم “التوغلات الإسرائيلية” غير المشروعة داخل الأراضي السورية.

ونوّه مراقبون إلى أن سوريا أمام مشهد يتطلب قراءة دقيقة، ليس فقط للموقف التركي، بل أيضاً لطريقة تعامل “إسرائيل” معه، والتقاطعات المحتملة بين المصالح والتهديدات التي قد تشكل أرضية لمواجهة غير مباشرة في الساحة السورية التي في كل حال من شأنها أن تنعكس سلباً على الشعب السوري.

ويرى المحلل السياسي محمد الدبسي في هذا الصدد، أن التواجد الروسي مرشح للاستمرار في سوريا، وذلك لأهميته في حفظ توازنات القوى، وتشكيله دور الوسيط ما بين “إسرائيل” وتركيا، كون موسكو تحظى بعلاقات جيدة مع كلا البلدين، وهذا ما شهدناه في مؤتمر أنطاليا الدبلوماسي الأخير.

حيث أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، محادثات مع نظيره التركي حقان فيدان، يوم السبت 12 نيسان خلال منتدى “أنطاليا” الدبلوماسي الرابع. وتبادل الوزيران وجهات النظر حول التطورات في الشرق الأوسط، وخاصة في منطقة الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، إذ أكدت روسيا تعاونها المستمر مع تركيا بشأن القضايا السورية، مُشيدةً بدور أنقرة الراسخ في سوريا. كما شددت موسكو دعمها لسيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، معربة عن استعدادها لتنسيق جهود تحقيق الاستقرار في ظل الظروف الراهنة.

وبحسب الدبسي، لطالما اعتبرت “إسرائيل” الجنوب السوري منطقة حساسة لأمنها القومي، ومع تزايد النفوذ التركي وسعيها لتحويل قاعدة الـT4 إلى قاعدة عسكرية تركية، قد ترى “إسرائيل” ضرورة لتكثيف عملياتها العسكرية في تلك المنطقة، سواء عبر ضربات جوية تستهدف مواقع محددة لعرقلة الخطط التركية أو من خلال دعم مجموعات محلية موالية لها، بهدف إرسال رسائل واضحة بأن هناك حدوداً لا يمكن تجاوزها فيما يتعلق بأمنها، الأمر الذي بنهاية المطاف يمس سوريا والسوريين مباشرة، وهو أمر بحاجة إلى وسيط لحلحلة هذه التوترات سياسيًا واللجوء إلى خيارات تتجنب التصعيدوبهذه الحالة الوسيط هو روسيا.

وفي السياق تجدر الإشارة إلى أن روسيا سجلت بصفتها إحدى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي في نيسان الجاري، موقفاً سياسياً لافتاً بدعم الإدارة السورية الجديدة ضد أي تدخلات خارجية.

حيث أدان مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، محاولات استغلال فترة الانتقال السياسي في سوريا لفرض أجندات أجنبية على السوريين” مؤكداً بأن موسكو “تدين بشدة أي محاولات لاستغلال فترة التحول السياسي والضبابية الاقتصادية لفرض معتقدات دخيلة وغريبة على السوريين”. مشيراً إلى أن “مثل هذه الأفعال لن تدعم السوريين، بل قد تُغذي نزعات الانقسام وتطلق العنان للفوضى في البلاد لسنوات مقبلة، ولا يمكن السماح بذلك”.

وأكد نيبينزيا على موقف روسيا الثابت من دعم سيادة سوريا، مشدداً على أن “روسيا صديق وفيّ ومخلص للشعب السوري. وقفت دائماً وستبقى إلى جانب سيادة سوريا واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها”.

وأشار المندوب الروسي إلى أن موسكو “تتمنى بصدق أن يتمكن السوريون من اتخاذ وتنفيذ القرارات الصائبة التي تضمن الاستقرار السياسي والاجتماعي للبلاد، وتحقق تنمية مستقرة ومستدامة تخدم جميع السكان دون استثناء”، مؤكداً أنه “نحن مستعدون للمساهمة في ذلك كعضو دائم في مجلس الأمن، وأيضاً على المستوى الثنائي”.

واتهم نيبينزيا “إسرائيل” بانتهاك سيادة سوريا ووحدة أراضيها، مؤكداً أن ذلك “يشكّل انتهاكاً صارخاً لا يمكن تبريره أو التغاضي عنه، بغض النظر عن الجهة الحاكمة في دمشق”.

وقال: “إن سيطرة إسرائيل على منطقة عازلة وأراضٍ في جنوبي سوريا، إلى جانب الضربات العسكرية المتكررة، تعتبر انتهاكاً صارخاً لسيادة سوريا ووحدة أراضيها”، مشدداً على أن روسيا “تدين أي محاولات لزعزعة استقرار سوريا، في وقت تمر فيه البلاد بمرحلة انتقال سياسي”.

وأضاف المندوب الروسي أن موسكو “تعتبر أن أي محاولات لزعزعة استقرار سوريا وتقويض الجهود الرامية إلى تطبيع الوضع فيها، تضر بأمن الشرق الأوسط بأكمله”.

مركز المستقبل للدراسات

اقرأ أيضاً