خاص || أثر برس يطوف “محمد علي” شوارع العاصمة دمشق حتى ساعات الفجر ليقوم بإيصال طلبات الطعام إلى منازل في المناطق الراقية كـ “المالكي – أبو رمانة”، ويقول الشاب الذي يعمل على دراجته النارية في أي ظرف مناخي: “إن المردود المادي لعمل الدليفري خلال ساعات الليل يكون أكبر لكون الطرقات تكون فارغة وأسرع، كما أن الطلبات تزيد في ساعات الليل”.
ويشرح خلال حديثه لـ “أثر برس”، أن الحصول على الوقود “بنزين”، لدراجته يعتبر مسألة صعبة للغاية إلا أنه مضطر للعمل لتأمين المتطلبات المعاشية، ويستغرب الشاب من الطلبات التي يقوم بنقلها وأسعارها.
أسعار خيالية:
يتحدث “محمد علي” الذي يبلغ من العمر 40 عاماً، عن نقله “كيلو حلاوة الجبن بالقشطة”، من أحد أرقى محال بيع الحلويات في العاصمة بسعر صعقه حين تسلم الفاتورة، إذ بلغ سعر الكيلو 75 ألف ليرة سورية، الأمر الذي دفعه للاتصال بالزبون والتأكد من الطلب وإبلاغه بالسعر، ليتفاجأ برد الزبون “إي بعرف”، حينها قام بنقل الطلب مقابل أجر لم يزد عن 2000 ليرة سورية، فالزبون يقطن في منطقة قريبة من المحل الذي قدم له الطلب.
يتحدث الشاب أيضاً عن نقله طلباً لـ “خمس وجبات سناك”، من أحد محال منطقة الشعلان إلى منطقة المالكي، وكيف تفاجأ عندا رأى الفاتورة وقيمتها 225 ألف ليرة سورية، وهي لا تحتوي إلا الوجبات الخمس، ما دفعه إلى الاتصال بصاحب الطلب لإبلاغه بقيمة الفاتورة قبل أن يقوم بدفعها، ليأتيه الجواب “وإنت شو دخلك”، الأمر الذي اعتبره إهانة وقرر أول الأمر التخلي عن نقله إلا أن محاسب المطعم رجاه حينها أن ينقل الطلب وإلا سيكون في مشكلة أمام أصحاب المطعم.
بقشيش 100 ليرة:
“أنور الحسن” طالب جامعي يعمل على الدراجة النارية لإيصال الطلبات في ساعات الليل ليتمكن من متابعة دراسته وسط ارتفاع تكاليف إقامته في دمشق بعيداً عن أهله، يروي طرائف من إيصال الطلبات التي واجهها خلال عمله في حديثه لـ “أثر برس”، ويقول: “أصعب الطلبات تلك التي تكون إلى منطقة فيها أبنية برجية ويكون صاحب الطلب يعيش في طابق مرتفع بالتزامن مع انقطاع الكهرباء، ما يضطرني للصعود على السلالم لإيصال “الأوردر”، وحين تسليم الطلب، قد أكون قد منيت نفسي بـ “بقشيشاً دسماً”، لكن غالب الطالبين ورغم أنهم من أصحاب الدخل المرتفع لا يقدمون أي “براني”، وبعضهم قد يترك 100 أو 200 ليرة فوق قيمة الفاتورة على أساس أنها بقشيش، والطريف أن أحد الزبائن اعتبر أني “قليل أدب”، حين رفضت أن آخذ 100 ليرة إضافية وقمت بردها له باعتذار لبق.
يتحدث الشاب أيضاً عن طلبات غريبة، مثلاً “سندويشة فلافل مع كولا”، أقوم بنقلها من منطقة “الشيخ سعد”، إلى “المالكي”، وقد يزيد أجر نقل هذا الطلب على قيمة فاتورته أصلاً، أو أن يطلب أحد الزبائن “سلطة فواكه”، من محل وسط المدينة وهو يقطن في المزة في ساعة كـ “الثانية فجراً”، مثلاً وعلى الرغم من اعتبار مثل هذه الطلبات غريبة إلا أننا ننفذها لكوننا نعمل وفق مبدأ “أجرتنا وما إلنا علاقة”.
ويضيف “سومر خضر” الذي يعمل في ذات المهنة وهو بعمر 43 عاماً، بالقول: “لا أملك إلا هذه الدراجة، في النهار أعمل لمدة 6 ساعات على نقل الركاب، وليلاً أقوم بنقل الطلبات، وإن كان ركاب الدراجة النارية من الفقراء ويدفعون ما نطلبه بـ “نفس رضية”، إلا أن زبائن الليل الذين يقومون بطلب الطعام والمشروبات من أرقى وأغلى المحال في دمشق، يكونون من الذين يدفعون قيمة الفاتورة تماماً دون أي زيادة”.
يخاف الرجل العامل في الليل من “دوريات المرور”، لكونه يعمل على دراجة غير مسجلة، ومع قرار مصادرة الدراجات النارية في العاصمة يكون عمله خطراً بعض الشيء، فالدراجة تعد “ثروته وشقى العمر”، الذي يعيش من عائداته، فراتبه الذي لا يتجاوز 140 ألف ليرة لا يكفي لـ “مواصلات وسندويش”، لولديه الذين يدرس أحدهما سنته الثانية في كلية الطب، والثاني في الثانوية العامة.