حالة من التخبط تخيم على الولايات المتحدة مع اقتراب العملية العسكرية للقوات السورية التي ستنهي آخر معاقل “جبهة النصرة” الجناح السوري لتنظيم “القاعدة في سوريا، ذلك التخبط تُرجم باستنفار عسكري لمنع حدوث تلك العملية العسكرية التي تعتبر الجزء الأخير من الحرب السورية ومن شأنها التأثير على عدد من حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة.
إذ يتواصل التحشيد العسكري الأمريكي والروسي في منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي قبيل المعركة، حيث أفادت اليوم صحيفة “الوطن” السورية بتوجُّه غواصة “نيوبورت نيوز” الأمريكية إلى شرق البحر المتوسط بعد عبورها لمضيق جبل طارق محملة بعشرات صواريخ الـ”توماهوك” متوقعةً أنها لضرب أهداف تابعة للقوات السورية في حال بدأت المعركة.
بالمقابل قامت روسيا مؤخراً بمناورات بحرية عسكرية في شرق المتوسط، وبمشاركة صينية تعتبر الأضخم من نوعها منذ 40 عاماً.
سلوك الولايات المتحدة تجاه إدلب وتحريكها لبوارجها وماكيناتها العسكرية وخروج الرئيس “ترامب” للتهديد بشن ضربات عسكرية في حال قامت القوات السورية بعملية عسكرية نحو إدلب التي تخضع لسيطرة “النصرة” وفصائل معارضة أخرى، أثارت حالة من الاستغراب في الأوساط السياسية، فالرئيس الأمريكي اكتفى ببعض التصريحات التهديدية التي لم تحمل طابع الجدية خلال عمليات القوات السورية في كل من درعا والغوطة الشرقية، لكن دون القيام بتلك التحشيدات العسكرية التي يقوم بها الآن.
لم يتم الحديث عن السبب الحقيقي الذي يدفع السلوك الأمريكي إلى تلك الحدة، إلا أن أحد الخبراء الأمريكيين برر سلوك الرئيس الأمريكي موضحاً لقناة “روسيا اليوم” الناطقة بالإنكليزية يوم أمس بأن “إسرائيل والسعوديّة هما اللتان حرّضتا ترامب على اتخاذ هذا الموقف التَّصعيديّ، لأنّهما لا يُريدان للحِلف الروسي الإيراني-السوري أن يَنتصِر، وأن تُحقِّق روسيا أهدافها في سوريا، وأبرزها عودة اللاجئين، ووضع هيكل ديمقراطيّ توافقي جديد للدولة السورية على أرضيّة مصالحة تكرِس أمنها واستقرارها”.
حديث الخبير الأمريكي يحمل الكثير من المنطق، فاستعادة القوات السورية سيطرتها على إدلب يعني الوصول إلى استقرار عسكري وأمني للدولة السورية، ما سيعطي الغارات الإسرائيلية التي تستهدف سوريا واقعاً مغايراً كونها لن تكون بهذه الأريحية التي هي عليها اليوم، ناهيك عن تفرغ الدولة السورية لأخذ إجراءات التصدي لتلك الخروقات “الإسرائيلية”.
في حين يرى مراقبون بأن الهدف “الإسرائيلي” – السعودي الذي تحدث عنه الخبير الأمريكي هو أبعد من ذلك، ويهدف لشن ضربات أمريكية على مواقع إيرانية بحجة معركة إدلب وقد يوازي ذلك غارات “إسرائيلية” قد تتجاوز بعض الخطوط الحمراء بهدف التأثير على الوجود الإيراني، خاصةً بعد فشل كل المساعي “الإسرائيلية” لتحقيق ذلك.
لكن لا يمكننا أن نتجاهل الإجراءات الروسية القائمة بوجه الاستعدادت الأمريكية، وإرسال روسيا لكبرى قطعها البحرية إلى المتوسط، فهل ستتطور الأمور إلى حرب إقليمية أم أن تسوية ستحدث بين الولايات المتحدة وروسيا تحفظ ماء وجه أمريكا في المنطقة؟