منذ أن فاز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الحديث عن ضرورة انسحاب القوات الأمريكية من سوريا ووقف دعمها لـ”الوحدات الكردية”، ليشير فيما بعد إلى نيته لاستكمال عملياته العسكرية شمالي سوريا بعد توقفها مدة 5 سنوات.
التقديرات ناقشت احتمال شن عملية عسكرية تركية، مشيرة إلى وجود عوامل من شأنها أن تمنع هذه العملية حتى مع وصول ترامب إلى الرئاسة الأمريكية.
وفي هذا الصدد، أشار موقع قناة “DW” الألمانية إلى أن أردوغان أعلن سابقاً أنَّه “سيغلق قريباً الثغرات الأمنية على الحدود التركية الجنوبية”، موضحة أن هذا يهدد بتنفيذ تركيا المزيد من العمليات العسكرية في سوريا والعراق.
ونقل الموقع عن باحثة العلوم السياسية أرزو يلماز من جامعة كردستان هولير في أربيل شمال العراق قولها: “لا يتعين على الأكراد العراقيين أن يقلقوا بشأن مستقبلهم، لأنَّ وضعهم الراهن راسخ في دستور العراق، أما منطقة شمال شرقي سوريا فمستقبلها غير مؤكد وغامض”، موضحة أنه “تم دعمها حتى الآن من الولايات المتحدة الأمريكية، ومن غير الواضح ماذا سيحدث بعد انسحاب القوات الأمريكية من هناك”.
وتابع يوسف أنه “على الرغم من أن تركيا سبق وأن نفذت 3 عمليات عسكرية في شمال سوريا خلال السنوات الماضية؛ وأي عملية جديدة ستفضي إلى فوضى عارمة تؤدي لموجات نزوح كبيرة لا تتحملها دول المنطقة برمتها، لا سوريا ولا لبنان أو الأردن والعراق”.
من جانبه، أشار الخبير بالشأن التركي الدكتور محمد نور الدين، في مقالة نشرتها صحيفة “الأخبار” اللبنانية إلى أن “رهان تركيا على عهد ترامب الجديد، والعيش في ذكرى يتيمة من الماضي، يتزامن مع متغيّرات هائلة في الظروف والتوازنات، في ظلّ احتدام الصراع واتساعه في الشرق الأوسط، إذ لا يتوقّع أحد أن يتراجع الدعم الأمريكي الكامل لإسرائيل، فإن عداء ترامب لإيران وسعي إسرائيل إلى شرق أوسط جديد من دون حماس وحزب الله والقوة النووية الإيرانية، يضع الموقف الأمريكي من سوريا وفقاً لرغبات إسرائيل بالكامل، والتي ترى في الموقف التركي منها عدائياً بالكامل، وخصوصاً مع تحذير أردوغان من خططها التوراتية التي تستهدف تركيا أيضاً، ويعني ذلك أن ترامب في عهده الثاني لن يذهب في اتجاه أيّ إجراء لمصلحة تركيا في سوريا، ومنها انسحاب القوات الأمريكية من هناك، أو السماح لها بشن عملية عسكرية جديدة ضد الأكراد شرق الفرات”.
الأمر نفسه، تناولته صحيفة “الشرق الأوسط” التي نقلت عن الصحافي شيروان يوسف، مدير منصة “Defacto” قوله: “إن التهديدات التركية ليست بجديدة، وأستبعد تنفيذها لأن أنقرة ليست في موقع يؤهلها لشن هجوم بري”، مضيفاً أنه “في ظل التغيُّرات التي تحدث في غزة وبيروت وتل أبيب، وطهران، لن تسمح الدول الكبرى بفتح جبهات أخرى تزيد الفوضى الموجودة بالشرق الأوسط في إشارة إلى روسيا والولايات المتحدة”.
من جهته أشار موقع “العربي الجديد” إلى أن “تركيا تتطلع إلى عهد ترامب الثاني بوصفه فرصة لمعالجة قضايا عالقة، مثل الدعم الأمريكي لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، والذي تراه أنقرة تهديدًا لأمنها القومي، هناك توقّعات بأن تعمل إدارة ترامب لتقليل هذا الدعم، وهو ما قد يفتح المجال لمحادثات أكثر تعاونًا بشأن إنشاء مناطق آمنة شمال سوريا، وهو هدف تسعى إليه تركيا منذ فترة بعيدة”.
وأضاف أن”موقف الكونغرس والبنتاغون قد يحدّ من مرونة ترامب في اتخاذ قرارات تخدم المصالح التركية، سيما فيما يتعلّق بسوريا والعقوبات الاقتصادية، بالإضافة إلى ذلك لم تظهر مؤشرات واضحة على تغيير كبير في السياسة الأمريكية تجاه منظومة إس-400 الروسية، وهو ملف حسّاس”، موضحاً أن “العلاقات التركية الأمريكية في عهد ترامب الثاني قد تشهد ديناميكية مختلفة تعتمد على مزيجٍ من البراغماتية السياسية والتعاون المحدود في الملفات المشتركة. ومع ذلك، تبقى قدرة الطرفين على تجاوز الخلافات التاريخية عاملًا حاسمًا في تحديد مسار هذه العلاقة”.