جاء اللقاء بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد ومطالبة بوتين بضرورة خروج القوات الأجنبية من سوريا، بعد مجموعة من المتغيرات على الساحة السورية، ميدانياً وسياسياً، حيث جاء بعد انتهاء أستانة 9 بأيام، إضافة إلى الرد السوري على الصواريخ الإسرائيلية التي استهدفت مواقع للقوات السورية، كما أنه جاء بعد المتغيرات الأخيرة في خارطة السيطرة لصالح القوات السورية، وذلك باستعادتها للسيطرة على عدة مناطق في ريف دمشق وحمص وحماة. فلماذا اختار بوتين هذا التوقيت للقاء الرئيس السوري بشار الأسد؟ وما هي الرؤيا الروسية بعد كل ذلك في سوريا؟
حيث لفتت صحيفة “الوطن” السورية، إلى أن هذا اللقاء جاء بعد اجتماع بوتين برئيس الحكومة الإسرائيلية “بنيامين نتنياهو” بأيام، فقالت:
“تأتي القمة في لحظة مصيرية تُرسم فيها سياسات وخرائط جديدة بالغة الحساسية في المنطقة من كل من أميركا وإسرائيل ودول الخليج النفطي من جهة، وفلسطين وسورية وإيران وروسيا من جهة أخرى، والملاحظ أن اجتماعاً بين الرئيس بوتين وبين رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو سبق اجتماع القمة الروسية-السورية بأيام قليلة طالب خلاله نتنياهو من روسيا ضمانات وخاصة على جبهة الجولان المحتل، بيد أن سورية كان لها كلام آخر تُرجم عبر مفاجأة الرد السوري الصاعق على مراكز رادار وثكنات العدو الإسرائيلي الموجودة في منطقة الجولان المحتل.. الرسالة السورية الحازمة مفادها أن لا ضمانات أمنية للعدو الإسرائيلي وأن القيادة السورية مصممة على رد الاعتداء الإسرائيلي”.
وأكدت صحيفة “فوينيه أوبزرينيه” الروسية أن روسيا لن تقبل أن تبقى خارج اللعبة السورية، علماً منها بأهمية سوريا دولياً، فنشرت في صفحاتها:
“سوريا المعاصرة، من دون أي شك، هي الساحة الجيوسياسية الأهم في العالم اليوم، والتي تدور فيها أمام أعيننا لعبة جيوسياسية، نتيجتها تحدد إلى درجة بعيدة تركيبة العالم.. في الوقت الراهن، هناك أربعة اتجاهات رئيسية لجهودنا العسكرية والدبلوماسية والإنسانية وغيرها، وهذه الرقع هي الرقعة السورية سوريا نفسها، الرقعة الإسرائيلية، الرقعة الكردية- التركية، والرقعة العربية والتي تشمل السعودية وقطر والكويت والإمارات، فاللعبة مستمرة، من دون شك، ويجب أن تستمر مشاركتنا فيها، والدفاع بوعي عن مصالحنا الجيوسياسية”.
واعتبرت صحيفة “رأي اليوم” أن اللقاء جاء في مرحلة حساسة ومفصلية، فورد فيها:
“اللقاء جاء في مرحلة خاصة ومفصلية من مجريات الحرب في سوريا، ترسم فيها المعركة مع المجاميع المسلحة في الداخل خواتيمها وتؤشر للسيطرة على المزيد من الجغرافية لصالح الجيش السوري وحلفائه، فيما تبقى المعركة مع الأطراف الإقليمية والدولية والرسائل السياسية التي تبعث بها حاضرة ،لم تسلم فيها تلك الأطراف نهائياً بمفرزات وواقع الميدان السوري.. تأسيس روسيا لخروج كافة القوات الأجنبية من سوريا، هو بمنزلة تثبيت النهايات وتعزيز الرؤى السياسية في صياغة حل سياسي نهائي، وتقليلاً من جملة رسائل العناد التي يبعثها الأميركي وحلفائه سواء في التصعيد العسكري الأخير الذي تصدره الإسرائيلي بامتياز، أو لجهة الخطاب السياسي الحاد”.
من الواضح مما سبق أن روسيا لديها رؤية مختلفة حول المرحلة الجديدة في سوريا فرضته المتغيرات التي جرت في المنطقة، حتى أن المسؤولين الروس بدؤوا ينفتحون بشكل علني أكثر بعلاقاتهم مع الدول المجاورة لسوريا، حيث زار وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الأردن وأكد على جودة العلاقات بين البلدين، كما أنه راج الحديث في الآونة الأخيرة حول أن روسيا قد تكون هي البديل لأمريكا في عملية السلام بين فلسطين و”إسرائيل”، إضافة إلى زيارة “نتنياهو” لبوتين لبحث المستجدات السورية.