خاص|| أثر برس لا يزال التقويم الشرقي يحمل في جعبته المزيد من الأعياد التي ترمز لولادة السيد المسيح عليه السلام، والتي يحرص السوريون بمختلف أديانهم على الاحتفال فيها تعبيراً عن سعادتهم بهذه المناسبة التي باتت تقليداً متوارثاً لا يمكن تمريرها من دون إحيائها بالإمكانيات والمواد المتوفرة، بالرغم من غلاء المعيشة وارتفاع أسعار جميع المواد الغذائية.
اليوم، تحتفل شريحة واسعة من السوريين بعيد “الحلوة”، وهو عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام بحسب التقويم الشرقي، حيث جرت العادة الاحتفال بهذا التاريخ من كل عام من خلال تقديم الحلوى بهذه المناسبة.
وطرطوس واحدة من المحافظات السورية، التي دأبت على الاحتفال بهذا العيد الذي يشكّل تقليداً متوارثاً عبر السنين، حيث يشارك الإسلام إخوانهم المسيحيين بالاحتفال بهذا العيد، من خلال إعداد الأكلات التراثية والحلويات وتقديمها للضيوف تعبيراً عن سعادتهم بميلاد السيد المسيح.
وقال الباحث في الموروث الشعبي حيدر نعيسة لـ”أثر”: “اعتاد السوريون بجميع الأطياف والأديان على الاحتفال بـ (عيد الحلوّي) حسب لهجة أهالي الساحل، في الأحد الثالث بعد عيدي البربارة والبشارة، وهو عيد ميلاد السيد المسيح وفق التقويم الشرقي، حيث يصادف اليوم 25 كانون الأول وفقاً لهذا التقويم”.
وأضاف نعيسة: “هناك أنواع حلويات متوارثة في جبال الساحل كالحلاوة المهروسة، الدبس، التلاج، الهريسة، العوامة، وبالرغم من أن هذا العيد يسمى بالحلوّي، إلا أنه لا يقتصر فقط على تقديم أصناف الحلو، وإنما يتجاوزها الأهالي بإعداد الأكلات التراثية المصنوعة من القمح وما تجود به الأرض من خضار شتوية، مدللاً بإعداد الكبيبات بسلق، الزلابية، فطائر السلق، فطائر اللحم، عجين بحبة البركة”.
في منزل أم بشار في ريف بانياس، صوت الضحكات ولعب الأطفال يعلو في الحارة الشعبية، فيما السبعينية أم بشار تتوعد الأطفال الذين لم يهدأوا بأنهم لن يأكلوا الحلاوة المهروسة والعوامة التي قامت بإعدادها، وما كادت كلمات الجدة تتناهى إلى أسماع أحفادها حتى التزم الجميع الصمت خوفاً من العقاب الذي سيحرمهم من تذوّق الحلوى الشهية التي تعدها جدتهم.
بابتسامة واسعة، ترحب بنا أم بشار وتبادر بالتهنئة بعيد ميلاد السيد المسيح وتمني عاماً جديداً سعيداً لجميع السوريين يكون أكثر بحبوحة كما وصفته، وتشرح لـ”أثر”: “اليوم عيد الحلوة وهو عيد مجيد له دلالة كبيرة عند الإسلام كالمسيحيين الذين يحتفلون بميلاد السيد المسيح، وهو أيضاً تقليد متوارث من الآباء للأبناء ومن ثم الأحفاد، يجب الحفاظ عليه لأنه يشكّل هوية السوريين الذين منذ القدم يعيشون سوياً متحابين ومتآلفين على الحلوة والمرة”.
وأشارت أم بشار إلى أنها منذ الصباح قامت، بمساعدة بناتها، بإعداد الأكلات التراثية كالكبيبات بسلق والزلابية، بالإضافة لإعداد الحلاوة المهروسة المصنوعة من الدقيق والسمن والدبس، وهي أكلة قديمة تعلمت صناعتها من أمي، بالإضافة للعوامة والهريسة”.
وأكدت أم بشار أن الاحتفال بالأعياد التي باتت “من قريبه” بسبب غلاء المعيشة، تدخل البهجة إلى نفوس الكبار والصغار، وهي مناسبة لتجتمع العائلة مع بعضها البعض، في “لمّة” فرح بميلاد السيد المسيح.
صفاء علي ــ طرطوس