في الوقت الذي يحارب فيه العالم بأسره فايروس كورونا المُستجد “كوفيد 19″، نجد البعض يستهزئ ويتهكّم تجاه المصابين، بمشهد أبعد ما يكون عن “الإنسانية”، وكأنهم يتجاهلون أو يحوّلون المأساة التي تُخيّم على الجميع إلى “طرفة”، فيما يضع بعض آخر المصاب موضع “المتّهم” وكأنه اقترف جريمة يعاقب عليها الدين والقانون.
مصطلح “مكورن” على سبيل المثال، بات يتداوله كثير من الناس، علماً أنه يترك أثراً نفسياً وصحياً على المصاب، ما قد يؤخر من شفائه، فلا يكفيه الألم الذي يشعر به من المرض بل جاء البعض ليزيد عليه مرارة أيامه من خلال تصرفات لا مسؤولة، ناهيك عن أنها تصرفات تجعل المصاب يشعر بالذنب أو الخجل من إصابته.
الاستهزاء والخوف شاهدناه بدايةً مع الآسيويين، فقبل أن يصل كورونا إلى البلدان العربية، كان إذا مرّ شخصٌ صيني مثلاً، في الطريق نجد الجميع يهربون منه وكأنه هو “الفايروس”، ما ترك أثراً نفسياً لدى البعض ودفعهم لمشاركة تجاربهم ومعاناتهم من التنمر عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
تعليقات مفاجئة وصادمة يتم تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، ففي منشور عن خبر تسجيل حالة وفاة لإحدى المصابات، علّق أحد المستخدمين لموقع “فيسبوك”، قائلاً بغضب: “يجب حرق جثتها”، تُرى ما هي ردة الفعل التي تُناسب حجم هذا الحس الإنساني الذي وصلنا إليه.
عبارةٌ استوقفتني ولفتت انتباهي أضعها بين أيديكم، تحت عنوان “فايروس كورونا يُخرج أسوأ ما في الناس”، كتب مارك لونغلي على موقع “نيوز هب” النيوزيلندي: “قد لا يستغرق الأمر كثيراً حتى تختفي قشرة الأدب الرفيعة لكثير من الناس، حينما تكون هناك ملامح تهديد، ويظهر الجانب المظلم من أنفسنا الداخلية”.
الوباء المنتشر مؤخراً دفع بالكثير للتخلي عن إنسانيتهم، بذريعة أنهم يريدون النجاة، مع الإشارة إلى أن “وصمة العار التي يتم تحميلها للمصابين قد تزيد من انتشار كورونا لأن بعضاً ممن يعانون من عوارض هذا الفايروس قد يعكفون على إجراء الاختبار خوفاً من هذه الوصمة”، حسب ما أكده المعالجون النفسيون.
وتشير الإحصائيات الأخيرة الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، إلى تسجيل ما يزيد عن 872 ألف إصابة بالفايروس، وأكثر من 43 ألف حالة وفاة، بمقابل شفاء نحو 184 ألف شخص، وسط مساعي دولية للحد من انتشار الوباء.
في هذه الأزمة التي تطالنا جميعاً، يجب أن نتحمل كلنا مسؤولية الحفاظ على الصحة النفسية، لأن الإصابة بالفايروس ليست عاراً ولا عيباً ولا يحقّ لأحد أن يُقابلها بالإساءة أو الإهانة، مع التشديد على أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الجسدية، بل تزيدها تأثيراً على الفرد في بعض الأحيان.
بتول حسن ــ أثر برس