أثر برس

فرحة حلب.. بعيون أبناءها

by Athr Press B

خاص|| أثر برس

تاريخ الثالث والعشرين من شهر كانون الأول لعام 2016، ربما يكون مجرد تاريخٍ عادي يمر في كل عام مرة واحدة، إلا أنه ولا شك تاريخٌ يعني الكثير لأبناء مدينة صمدت وكابدت وعانت الأمرّين على مدار 5 سنوات من الحرب الآثمة التي لم تميز بين صغير وكبير، بين امرأة ورجل، وبين بشرٍ وحجر، إنه تاريخ انتصار حلب وعودتها إلى كنف الدولة السورية.

اليوم يصادف مرور الذكرى السنوية الثانية لاستعادة السيطرة على عاصمة الشمال السوري، حيث تم خروج آخر دفعة للمسلحين من الأحياء الشرقية، ودخول القوات السورية إلى هذه الأحياء لتعود حلب واحدةً موحدة من جديد، بعد فترة طويلة انقسمت خلالها المدينة بين أحياء شرقية وأخرى غربية كابدت ما كابدته من حصارٍ وألمٍ ودمار.

اليوم وكما كان الحال عليه في العام الماضي، تزيّنت حلب بأبهى حلة، وتهافت أبنائها للمشاركة في الاحتفالات وتجمعات الفرح التي كانت بدأت قبل عدة أيام في ساحات وشوارع المدينة الرئيسية، التي تزينت لمناسبتين متزامنتين في وقت واحد، أولهما ذكرى الانتصار، وثانيهما حلول عيد الميلاد المجيد الذي من المقرر أن تُضاء شجرته الكبيرة مساء اليوم الأحد، وسط ساحة حي العزيزية في أجواء احتفالية كبيرة.

تقول “أريج” طالبة جامعية لـ “أثر برس”: “هذا اليوم يعني لنا الكثير كحلبيين، هو يوم لا يمكن أن ننساه ما حيينا، فكلما نظرت إلى (روزنامة) منزلي ورأيتها تشير إلى الثالث والعشرين من كانون الأول، تعود بي الذاكرة دون أن أشعر إلى مثل هذا اليوم قبل عامين وتحديداً إلى الساعة التاسعة ليلاً من هذا اليوم، والتي أطلّ فيها الناطق العسكري باسم القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة ليزف البشرى لنا، أبناء حلب، باستعادة السيطرة عليها وانتهاء حقبة المرارة والدمار التي أنهكتنا واستنزفت قدرتنا على الصبر والتحمل لأكثر من خمس سنوات”.

حشود غفيرة أقبلت ظهر اليوم إلى صالة الأسد العائدة للحياة، وشاركت في الاحتفال المركزي الذي أقيم تحت سقف هذه الصالة التي تعرضت خلال سنوات الحرب لعشرات القذائف الصاروخية التي أطلقها المسلحون باتجاهها أثناء تواجدهم في شرق المدينة، وتخلل هذا الحفل “كرنفالات” ولوحات راقصة وفقرات غنائية شارك فيها نخبة الفنانين من أبناء الشهباء، كما تخلل الاحتفال عرض عسكري.

“كريم” أحد الشبان الذين شاركوا في الاحتفال بصالة الأسد، أكد لـ “أثر برس” أنه لم يفوّت على نفسه فرصة الاحتفال بهذه الذكرى العام الفائت، ولن يفوّتها هذا العام بكل تأكيد: “وخاصة أن هذه الذكرى تحمل في طيّاتها الكثير لي ولعائلتي، كونها أعلنت انتهاء مسلسل القذائف والرعب الذي كنا نعيشه كل يوم طيلة سنوات الحرب، وخاصة أننا نقطن في حي المشارقة المتاخم للأحياء الشرقية التي كانت تسيطر عليها المجموعات المسلحة، وكم من أيام وليالٍ قضيناها خلال تلك الفترة ونحن جالسين في الأقبية وعلى درج منزلنا مخافة القصف العشوائي الذي كنا نتعرض له بشكل شبه يومي آنذاك”.

وتكتسي مدينة حلب في الوقت الراهن بأبهى حلتها من حيث الشوارع المنارة بالرسوم والنقوش الكهربائية المضيئة، وسط أجواء فرحة، لا ينغصها سوى بعض القذائف التي تتساقط على الأطراف الشمالية والغربية من المدينة بين الحين والآخر، والتي اعتادت الفصائل المسلحة وعلى رأسها “جبهة النصرة” المتمركزين على الأطراف الشمالية الغربية وفي ريفي حلب الشمالي والغربي، على استهداف الأحياء المتاخمة لها بالقذائف المتنوعة.

وينتظر الحلبيون استكمال نصر حلب العسكري، بنصر آخر خدمي يعيد للمدينة رونقها بالشكل الأمثل، كي تعود كما كانت عاصمة للاقتصاد السوري، وخاصة أن الواقع الخدمي المتعلق بمسألة ترحيل الأنقاض وإعادة الإعمار وتأمين الخدمات الرئيسية التي تأتي الكهرباء في مقدمتها، ما زالت لا ترقى إلى المستوى المطلوب والمأمول من قبل أبناء الشهباء وخاصة منهم القاطنين في أحيائها الشرقية.

زاهر طحان_ حلب

اقرأ أيضاً