89
بعد يوم واحد فقط من تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتدمير الاقتصاد التركي في حال شنت تركيا عملية عسكرية في مناطق شرق الفرات السوري، أعلن ترامب عن إجراء مكالمة هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، اتفقا من خلالها على إنشاء مايسمى بـ “منطقة آمنة” مشتركة على الحدود التركية-السورية، وأكدا خلال المحادثة أن التعاون بينهما سيبقى مستمراً، ما يسفر عن العديد من علامات الاستفهام حول هذا “المنطقة الآمنة”.
صحيفة “صباح” التركية اعتبرت أن مفهوم هذه المنطقة مختلف بين تركيا وأمريكا، فقالت:
“تتحدث الولايات المتحدة اليوم عن منطقة آمنة بعمق 32كم، وفي عام 2016 أيضاً مارست ضغوطاً حتى لا يتجاوز الجيش التركي عمق 20-30 كم خلال عملية درع الفرات.. المنطقة الآمنة التي يتحدث عنها ترامب الآن، رغم أنها تتضمن وعداً بتحقيق أمن الحدود لتركيا في الظاهر، إلا أنها تنطوي على خطة إبقاء وحدات حماية الشعب الإرهابية على الحدود السورية التركية.. بمعنى أن المنطقة الآمنة التي تفكر بها تركيا ليست نفس المنطقة الآمنة التي تتحدث عنها الولايات المتحدة”.
وجاء في “القدس العربي” اللندنية:
“هل هو فصل جديد مما يسمى بـ(المزاج المتقلب لترامب)؟ أم أن الأمر يتعلق بمباراة ملاكمة من النوع المتفق على نتيجتها لأغراض المراهنات؟ ما يمكننا التأكد منه، حالياً، هو أن ثمة تفاهمات بين واشنطن وأنقرة بشأن كيفية ملء الفراغ في شرقي الفرات بعد الانسحاب الأمريكي، كشف ترامب عن عنوانها العريض بعبارة منطقة آمنة”.
أما صحيفة “كوريير” الروسية فتحدثت عن العلاقات التركية-الأمريكية في سوريا، فنشرت في صفحاتها:
“يزعم الأمريكيون أن انسحاب قواتهم من سوريا يخلق تحديات جديدة لموسكو في استمرار التعاون مع أنقرة، وأحد التحديات الرئيسية هو المشكلة الكردية ببساطة، بمغادرتها سوريا، تحاول الولايات المتحدة تخريب العلاقات بين أنقرة وموسكو.. ووفقاً للمحللين الأتراك، فإن الأكراد من حزب العمال الكردستاني ليس لديهم أي فرصة للحفاظ على الهيمنة العسكرية والسياسية عند انتهاء الوصاية الأمريكية، ويستند الهيكل الذي أنشأه الحزب في منبج إلى دعم واشنطن العسكري والمصالح الأمريكية”.
القوات الأمريكية ستنسحب من سوريا، والأكراد بقوا دون حليف، والآن توجههم بالكامل بات نحو الدولة السورية وهم يتحدثون باستمرار عن استعدادهم لإعادة المناطق التي يسيطرون عليها للدولة السورية، وأول المناطق التي تحدثوا عنها هي الشريط الحدودي بين تركيا وسوريا أي المنطقة التي تنوي تركيا وأمريكا ضمها إلى ما يسمى بـ”المنطقة الآمنة”، ما يدل على أن أنقرة بقيت وحدها في الميدان من دون حليف، وخصوصاً بعد التباين والاختلاف الواضح في رؤية كل من الطرفين الأمريكي والتركي ، الأمر الذي يخفض إلى حد كبير من فرص نجاح إنشاء هذه المنطقة أو حتى انعدامها، كما يلاحظ أنه في المرحلة الحالية أي مشروع تحاول أمريكا أو تركيا طرحه في سوريا ينتهي بنتيجة أن الدولة السورية ستستعيد أي منطقة تحاول تركيا الاقتراب منها.