أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء الخميس 11 تموز الجاري، تكليف وزير خارجيته وكاتم أسراره حقّان فيدان، بالعمل لإنجاز مسار التقارب بين سوريا وتركيا، مؤكداً أن فيدان يعمل لوضع “خريطة طريق” لهذا المسار.
لماذا فيدان؟
منذ أن تم تعيين فيدان وزيراً للخارجية التركية في 3 حزيران 2023، أكدت تقارير تركية عدة أن الأخير ومنذ أن كان رئيس جهاز الاستخبارات التركي، يُعرف بلقب “كاتم أسرار أردوغان وحافظ أسرار الدولة التركية”.
وفي وقت سابق، نقلت وكالة “نوفوستي” الروسية عن المحلل السياسي التركي أيدين سيزير، قوله: “فيدان ترأس جهاز الاستخبارات مدة بعيدة، وهو الشخص المهيمن في العلاقات بين تركيا وروسيا، وكذلك بين تركيا وسوريا”، موضحاً أن “فيدان حضر كل لقاءات أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك مع المسؤولين الروس”، مضيفاً أن “فيدان من الذين يقودون الحوار مع المخابرات السورية منذ مدة بعيدة، وكان المشرف على إدارة الملف السوري في القيادة التركية”.
فيدان هو من أطلق عملية تفاوض واسعة من المسؤولين السوريين:
بعد تعيين فيدان، وزيراً للخارجية التركي لفت تقارير صحفية عدة إلى الدور الذي لعبه في الملف السوري خلال السنوات الفائتة، عندما كان رئيساً لجهاز الاستخبارات التركي، إذ نشرت حينها صحيفة “الشرق الأوسط” تقريراً لفت إلى الدور “الإيجابي” الذي يمكن أن يؤديه فيدان، في مسار التقارب السوري- التركي بعد توليه منصب وزير الخارجية التركي، لافتة إلى أن فيدان كان نقطة الوصل والاتصال مع الدول التي انقطعت علاقاتها مع تركيا، ونقلت الصحيفة عن مصادر متابعة قولها: “إن فيدان هو مَن أطلق عملية تفاوض واسعة مع سوريا، أسفرت عن لقاءات أجراها شخصياً مع المسؤولين السوريين من دون تحديد مكان اللقاءات”.
ونقلت حينها “الشرق الأوسط” عن المدير السابق لجهاز الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم، الذي عمل مع فيدان في عدد من الملفات وتجمعهما صداقة عمل مستمرة تأكيده “أن تعيين فيدان يدفع في الاتجاه الإيجابي لتحسين العلاقات التركية- السورية”، وتابع إبراهيم “أن فيدان رجل براغماتي إلى حد كبير، وهو يعرف الملف بتفاصيله، كاشفاً عن لقاءات جمعت فيدان بمسؤولين سوريين، وقال “هو يفهمهم ويفهمونه”، معتبراً أن لدى فيدان قدرة عالية على بداية بناء الثقة مع الجانب السوري.
وأوضح اللواء إبراهيم أن فيدان “عمل في الملفات: الأمنية، والسياسية، والعسكرية، للوجود التركي في سوريا”.
وفي 11 حزيران 2023 أي بعد أيام من تعيين فيدان وزيراً للخارجية، نشر “مركز الأهرام للدراسات” مقالة بعنوان “تركيا بعد الانتخابات: الملف السوري بعهدة فيدان”، أشارت فيها إلى أن “فيدان لم يكن بعيداً عن عن التطورات التى شهدتها تلك السياسة مؤخراً، بل يمكن القول إن التغيير الفعلي فى سياسة أنقرة تجاه محيطها الإقليمي تحديداً، كان نتاج تحركات هذا الرجل على مستوى العلاقات التركية الإقليمية خاصة ما يتعلق منها بالأبعاد الأمنية والسياسي”.
وأوضحت المقالة أن “اختيار فيدان لتنفيذ السياسة الخارجية التركية الجديدة –وهو من أحد صناع قرارها مؤخراً– ربما يشير إلى وجود نوع من الاستمرار فى سياسة (تحجيم المشكلات) مع الخصوم الإقليميين والدوليين مستقبلاً، بما يعنى الحفاظ على مكتسبات التغيير فى تلك السياسة التى أجراها فيدان انطلاقاً من منصبه السابق بصفة رئيس لجهاز الاستخبارات”، مشيرة إلى أن فيدان “ساهم بخبرته فى فتح باب التقارب والمصالحات مع خصوم تركيا الإقليميين، وهذا فى حد ذاته يصب فى صالح المستقبل السياسي لفيدان نفسه”.
يشار إلى أن حقّان فيدان، هو من أعلن توقف مسار التقارب السوري- التركي، إذ أكد في آذار الفائت بعد لقاء جمعه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أن “الظروف غير مناسبة للتطبيع مع دمشق”، وبعد نحو ثلاثة أشهر أعاد أردوغان فتح هذا الملف، إذ أعرب في تصريحات صحافية عن أمله بإعادة العلاقات مع دمشق إلى الماضي، وأكد في تصريحات صحافية أمس الجمعة أنه كلّف وزير خارجيته حقّان فيدان في هذا الملف، موضحاً أن الأخير “يعمل حالياً لتحديد خريطة الطريق بمحادثاته مع نظرائه، وبناء على ذلك سنتخذ الخطوة اللازمة إن شاء الله”.