خاص|| أثر برس تعج أسواق دمشق بالمارة قبيل عيد الفطر وخاصة محال الحلويات، فمنهم من يكتفي بتفقد الأسعار، ومنهم من يشتريلنوع واحد، ومنهم من يشتري بكميات محدودة (بالحبة).
في تحضير حلويات العيد:
ومع ارتفاع أسعار الحلويات بشكل عام في جميع الأسواق، والمناطق النظامية أوالعشوائية، بدا مشهد إتمام التحضيرات متبايناً، مع الحرص على تلبية المتطلبات والحاجة ولو بأبسط أشكالها بما يتوافق مع خصوصية العيد واحتياجاته من جهة، والإمكانيات من جهة أخرى.
تفرد أم هاني (ربة منزل) ذكرياتها عن أيام العيد منذ سنين خلت، وتستذكر بهجة العيد، والتحضيرات والطقوس التي كانت تخلق نوع من التكاتف الاجتماعي والمحبة، متحدثة عما كان يرافق قدوم العيد من شراء للحلويات والطعام واللباس بأنواعها وألوانها التي كانت ممزوجة بالفرحة والبهجة، إلا أن مآثر العيد اختلفت عن السابق، وغابت الفرحة و(لمة الأهل)، فهناك عادات استمرت وعادات اندثرت، وأخرى تم استحداثها، مشيرة أنها غير قادة حالياً على التهيئة لأيام العيد، فوضعها المادي لا يسمح، بالإضافة إلى أن أولادها بعيدون عنها.
فيما ترى نهى أن بعض العادات في الشام كانت تبدأ قبل حلول العيد بأيام عدة، لكن الآن لم يتم لحظ حالة الاستعدادات والتجهيزات له، خاصة هذا العيد، فكل شيء تغير وتبدل، وأصبح قدوم العيد يشكل هاجساً لدى الكثير من الأسر ويخلق لديهم حالة من التوتر بسبب عدم قدرتهم على إحياء طقوسه.
صنع منزلي:
في الوقت الذي لم تستطع فيه الغالبية العظمى من الناس، شراء حلويات العيد بمسمياتها المختلفة جراء أسعارها الكاوية، والتي وصل سعر الكيلو منها لأكثر من 500 ألف ليرة في بعض المحال، فيما حلّقت لأكثر من ذلك بحسب نوع وجودة المواد الداخلة في صنعها، لجأ الكثيرون إلى صنع الحلويات في المنزل، حيث (البركة أكثر) والوفرة المادية أيضاً، إضافة إلى أنها عادة محببة لدى كثيرين كما تقول السيدة إلهام لـ “أثر”، والتي حرصت على صنع حلويات العيد بنفسها، إلا أن هذا العيد لم يكن كما السابق، من حيث ارتفاع أسعار المواد، وتم الاكتفاء بكعك العيد، وكليجة التمر، نظراً لغلاء المواد الداخلة في صنعها، ومع ذلك تبقى أوفر من الجاهز، وتلبي ضيافة العيد، وشغف الأولاد في تناول المزيد منها أيام العيد، في محاولة منها لإدخال السرور إلى نفوس أطفالها.
وتتفق أم أحمد مع جاراتها في منطقة التضامن قبل بدء أيام العيد لصنع الحلويات المختلفة من كعك العيد بتحويجته الملفتة، إلى المعمول بأنواعه، وحتى أنواع من البيتفور يتفنن في صنعها تلبية لرغبة الأولاد، التي ربما تغنيهم عن الشراء، وذلك في جو من الإلفة والمساعدة فيما بينهن، مع لحظهن تكاليف هذا العمل المرتفعة عن السنوات السابقة، وعدم قدرتهن على اقتناء الجاهز، فالظروف المعيشية تحول دون تحقيق ذلك.
حلويات الأسواق الشعبية:
في الأسواق الشعبية، وخلال جولة “أثر” كان هناك كماً كبيراً من عرض الحلويات بأنواع عدة مع تباين في الأسعار بين محال وآخرى، وبين صنف وآخر بحسب نوع المنتج وجودته، كما يوضّح السيد “عدنان” صاحب أحد المحال في كشكول، حيث تتعدد الأصناف والأسعار التي تناسب شريحة ذوي الدخل المحدود، ومع ذلك تبدو مرتفعة حتى على هذه الشريحة، فهناك البرازق والغريبة والبيتفور وأسعارها تبدأ من 50 ألف ليرة، وحتى 200 ألف ليرة، فمنها بالسمن النباتي، ومنها بالحيواني، وهناك أيضاً البلورية بالمكسرات، وأخرى بالفستق، والآسية، وعش البلبل، وغيرها ويصل سعر الكيلو منها إلى 200 ألف ليرة، فيما بدا الطلب عليها متوسطاً، فأكثر الطلبيات على الحلويات الناشفة، أما أسعار كيلو شوكولا الضيافة فالتباين واضح بين محل ومحل آخر بجواره، والذي يصل من 70 إلى 90 ألف ليرة العادي منه، أما النوع المتوسط فيتراوح بين الـ 100 ألف و 200 ألف ليرة بحسب نوع الحشوة، سواء كانت بالبندق أم بالكريمة، أما النوع الجيد منها فيتراوح سعر الكيلو بين 350 – 500 ألف ليرة.
لكن ضمن هذه الأسواق تنتشر أيضاً البسطات، والعربيات، التي تعرض حلويات متعددة الأصناف، والسكاكر والنوكا، وبأسعار تبدو مقبولة ترضي كثيرين، وعليها إقبال، حتى مع عدم التزام الباعة بالشروط الصحية لعرض هذه الحلويات، فأسعارها أرحم من باقي المحلات، كما يبين كل من أبو محمد وأبو نضال، وأبو وهاب وغيرهم ممن هم زبائن اعتادوا على شراء هذه الحلويات خلال رمضان، والآن تحضيراً للعيد، فهي ملاذهم لتأمين الحاجة كما يقولون، حتى مع عدم قناعتهم بجودتها ونوعيتها، ولكنها تفي بالغرض في ظل عدم القدرة على الشراء من المحال الأخرى، فأسعار السكاكر والنوكا فيها تبدأ من 30 ألف ليرة وحتى 100 ألف للكيلو ، فهنا تعتبر أرخص مقارنة بأسعار المحلات.
المنزلي في السوق:
لاحظنا أيضاً أنه إضافة لتوفر الحلويات، هناك محلات عادية غير معنية بها، لكنها قامت بعرض أنواع من حلويات بدت بصنع منزلي، منها أقراص العيد الحموية، والتي تراوح سعر الكيلو منها بين 35 – 50 ألف ليرة، إضافة إلى الكليجة الديرية ومنها العادية ومنها محشوة بالتمر، وتراوح سعر الكيلو بين 42 -50 ألف ليرة، وكذلك بدا عليها الطلب، كما تقول أم ماهر صاحبة أحد المحال، حيث أن أقراص العيد تبقى لها نكهتها الخاصة سواء بشكلها أو بتركيبة موادها، ناهيك عن أنها تلبي بعض الحاجة، فهي أيضاً تعد ترويجاً لصنع منزلى منزلي محلي بامتياز .
بدوره تحدث أبو فهد من حي كشكول بريف دمشق قائلاً وبحرقة: لم تبقَ للعيد بهجته، نتيحة الظروف المعيشية من جهة، وتطور الحياة من جهة أخرى، إذا إن طقوس العيد ليست فقط بالضيافة والأكل واللبس، إنما بالتواصل واللقاءات، وهذا ما بتنا نفتقده، وحلت وسائل التواصل الاجتماعي التي أبعدت الناس عن بعضها، وفصلت تعزيز الحالة الاجتماعية المعتادة بالأعياد، فهل يكفي أن أبارك وأهنئ أخي أو ابني عبر الواتس آب أو الماسنجر، ويتابع: حتى ضيافة العيد باتت خجولة جداً، وأصبح الناس يكتفون بتقديم حبات معدودة من المعمول أو الفواكه أو النوكا .
لينا شلهوب – دمشق وريفها