في منتصف الشهر الجاري ستنفذ الولايات المتحدة الأمريكية في سورية “الخطة ب” من خلال تطبيق قانون قيصر الذي يفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية على سورية وبالتالي المزيد من الصعوبات المعيشية على الشعب السوري تحت عنوان “حماية المدنيين في سورية”، في حين يتحدث العديد من الخبراء والمحللين والمختصين الاقتصاديين عن سُبل مواجهة هذا القانون لتجاوز هذه المرحلة بأقل خسائر ممكنة.
لمحة عن القانون:
صادق مجلس الشيوخ الأمريكي على مشروع قانون قيصر في 15 تشرين الثاني 2016، ويشمل القانون كل من يقدم الدعم العسكري والمالي والتقني للدولة السورية، من شركات وأشخاص ودول، ويستهدف كل من يقدم المعونات الخاصة بإعادة الإعمار في سورية.
بعض بنود القانون:
– فرض عقوبات على مصرف سورية المركزي والأجانب المنخرطين في تعاملات بعينها، التي تمنع نقل أموال الأجانب المنخرطين في تعاملات معينة.
– فرض عقوبات على أي شركة عالمية أو فرد يستثمر في قطاعي الطاقة أو الطيران، وكل من يزوّد الخطوط الجويّة السورية بقطع غيار وصيانة.
– فرض عقوبات على أي حكومة أو مجموعة تُسهّل من صيانة أو توسيع إنتاج الحكومة السورية المحلي للغاز الطبيعي والبتروليوم ومشتقاته.
سبل مواجهته:
تواجه الدولة السورية منذ سنين طويلة قضية العقوبات والحصار الاقتصادي بسبب مواقفها الثابتة وسياستها، الأمر الذي جعل لديها خبرة واسعة في مجال مواجهة هذه العقوبات وتحدياتها، وفي هذا السياق قال وزير الاقتصاد والتجارة الداخلية السوري محمد سامر الخليل: “إن الحكومة السورية درست آليات التعامل مع العقوبات الواردة في قانون قيصر، وآثارها، بهدف التخفيف من حدتها وتمّ تقديم التسهيلات الممكنة لقطاع الأعمال، بما يتيح تأمين الاحتياجات الضرورية، بالإضافة إلى الاستمرار بالعمل على تعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول الصديقة لسورية، لتجاوز تبعات هذا القانون على جميع الأطراف” مشيراً إلى أن سورية مازالت تتمتع بعدد من المقومات للاعتماد على الذات اقتصادياً، وهو ما يتم العمل عليه اليوم وفي الفترة السابقة.
كما أشار المحلل السياسي السوري غسان يوسف، إلى أن الدولة السورية يمكنها أن تطلق شعار (الاعتماد على الذات) الذي طرحه الرئيس حافظ الأسد، في الثمانينيات عندما فرضت الدول الغربية حصاراً على سورية، من جانبه سلط المحلل السياسي والاستراتيجي العضو السابق في الوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف الدكتور أسامة دنورة، خلال لقاء مع وكالة “سبوتنيك” الروسية الضوء على التغيرات الاقتصادية الجديدة التي يشهدها العالم خلال هذه الفترة، حيث قال: “إن التحولات الاقتصادية الدولية تشهد نزوعاً متصاعداً لدول كالصين وروسيا ومجموعة البريكس وغيرها للخروج من الهيمنة المالية والاقتصادية الغربية والأمريكية”.
خطة واشنطن أوسع من قانون قيصر:
واضح أن الولايات المتحدة الأمريكية وبعد فشل كافة محاولاتها السابقة للدخول في العملية السياسية السورية وتحقيق أهدافها، قررت اتباع سياسة التضييق الاقتصادي على الشعب السوري في تجربة مماثلة لما سبق أن فعلته في العراق، التضييق الاقتصادي الذي تُمارسه لا يقتصر فقط على “قيصر” بل يرتبط ايضاً بالهيمنة على الثروة النفطية السورية شرقي الفرات السوري وحرق الأراضي الزراعية في المنطقة، حيث سبق أن نشر موقع “إنترناشونال بزنس تايمز” تقريراً بعنوان “مؤكد… ترامب أمر بحرق محاصيل القمح وسط الجائحة” أفاد بأن “الحرائق التي تعرّضت لها حقول القمح في منطقة الجزيرة السورية أخيراً، نفّذتها القوات الأمريكية بأوامر مباشرة من الرئيس دونالد ترامب”.
أيام قاسية ولكنها حاسمة:
مما لا شك فيه أن قانون قيصر يضع الشعب والحكومة السورية أمام ظروف قاسية خصوصاً وأنه يتزامن مع أوضاع معيشية صعبة يعيشها السوريون، كما يعرقل هذا القانون الإجراءات التي تقوم بها الدولة السورية لإعادة الحياة إلى المناطق التي دمرتها الحرب من خلال إعادة إعمارها وتأهيلها، لكن التجارب السابقة التي مرت بها الدولة السورية تجعلها أكثر مرونة في تحدي هذه المصاعب، أما حلفاء الدولة السورية المتمثلين بروسيا والصين وإيران فهم أيضاً يستطيعون الالتفاف على هذه العقوبات لا سيما إيران التي تعاني أيضاً من قضية العقوبات ونجحت إلى حد كبير باتباع سياسة “الاعتماد على الذات” التي أوصلتها إلى تحقيق إنجازات عالمية على عدة اصعدة منها المجال النووي.
إضافة إلى أنه بالرغم من كافة الصعوبات التي يفرضها هذا القانون، لكن في حال تمكنت الدولة السورية من تحديه وتجاوزه فستكون مرحلة مهمة جداً في تاريخها، وبهذا يمكننا أن نقول بأن الأيام القادمة ربما ستكون قاسية لكنها حتماً ستكون حاسمة.
زهراء سرحان