أثر برس

“قسد” أمام أزمة ترامب.. “قراءات سياسية كردية للمشهد القادم”

by admin Press

خاص|| أثر برس تطفو ضبابية سياسية في قراءة الملامح الجديدة للسياسة الأمريكية القادمة فيما يخص التعامل مع ملف “قسد” إذ تخشى الأخيرة من تكرار سيناريو الانسحاب الجزئي كما جرى عام 2019، والتي استطاعت وقتها الأصوات السياسية في الكونغرس والبنتاغون إنقاذ الموقف الكردي والحد من القرار وآثاره السلبية فيهم، في حين تتوالى حدة التصريحات التركية والتي بدأت العمل منذ إعلان ترامب رئيساً لتنسيق عملية الانسحاب الأمريكي من سوريا، في إشارة إلى الإصرار التركي بتنفيذ “الحزام الآمن” شمالي سوريا بعمق أكثر من 30 كم، ورفع الغطاء الأمريكي عن “قسد”.

وفي ظل الترقب الكردي السياسة الأمريكية القادمة، تعود من جديد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قبل أيام عن عزم بلاده إنشاء “الحزام الأمني” بطول 30 إلى 40 كم عند حدود بلاده الجنوبية، ما يفسر حماساً تركياً لتطبيق المخطط خلال ولاية ترامب.

متغيرات إقليمية

تشير القراءات السياسية في الأوساط الكردية إلى أنه من المبكر الحكم على سياسة ترامب في الملف الكردي، إذ طرأت تغييرات عميقة في المشهد الإقليمي بالشرق الأوسط منذ الـ7 من أكتوبر، وعليه تختلف القراءات بنظر واشنطن عما كانت عليه في حقبة ترامب السابقة.

يعتقد الكاتب الكردي شورش درويش، أنه على الرغم من التكهّنات باتباع ترامب نهجاً انعزالياً، فإن ذلك لن يعني تكرار تجربة الانسحاب الجزئي عام 2019، ذلك أن تركة التدخل الحاد في أوكرانيا والشرق الأوسط في عهد سلفه جو بايدن، تحتاج إلى بعض الوقت لتنفيذ الوعود الانسحابية، كما أن نهج ترامب المعروف بفرض “السلام من خلال القوة” يعني حاجته إلى الكثير من الوقت، والحلفاء على الأرض ليتمكن من ضبط الأوضاع في عموم المنطقة.

ولفت الكاتب درويش إلى أنه يمكن أن يكون هناك تعويل كردي على قدرة الأصوات الاعتراضية للسياسة الانسحابية في الكونغرس والبنتاغون والتي نجحت عام 2019 في الحد من الانسحاب ومن آثاره الجانبية.

خرق تركي للأكراد

وفي الوقت الذي تترقب فيه “قسد” سياسات واشنطن تتعالى بعض الأصوات بضرورة التقارب مع دمشق عبر الوسيط الروسي، نظراً للضغوطات المحيطة بـ”قسد” والتي سببتها حدة التصريحات التركية، واستغلال الروابط الشخصية بين الرئيس التركي ونظيره الأمريكي، وذلك لتنفيذ الانسحاب الأمريكي وتطويق المنطقة شمال سوريا.

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكردي في الداخل السوري عبد العزيز الحسين، أنه ثمة تباينات في المواقف السياسية داخل “الإدارة الذاتية” وهو ما يمكن أن يدفع أنقرة نحو مخطط جديد قائم على اتفاق بين “الحزب الديمقراطي الكردستاني” بزعامة مسعود بارازاني أحد الأطراف الكردية الأساسية الحليفة لأنقرة مع أردوغان.

وبحسب الكاتب الكردي يمكن أن يقوم المخطط التركي على تحفيز التيارات الكردية المحسوبة على بارازاني، داخل الإدارة الذاتية بالتنسيق مع القوات الأمريكية وتركيا وإنشاء تيار كردي موالٍ لأنقرة وعليه يتم تثبيت المشروع الانفصالي، وتحفظ تركيا أمنها القومي بتيار موالٍ لها، وبناء على ذلك لا بد من التقارب والتحالف مع الدولة السورية عبر الوسيط الروسي، خاصة وأن واشنطن نفسها لا يهمها حماية الحقوق الكردية بقدر حماية مصالحها وتقييد الحضور الإيراني والروسي في المنطقة.

تفعيل الدور الروسي

يعتقد الكاتب الكردي شورش درويش، أن “الإدارة الذاتية” تصرّ على الحوار مع دمشق بوصفه مدخلاً لأي حل سياسي، سواء بقيت الولايات المتحدة على الأراضي السورية أم قررت خلاف ذلك، فمن ناحية هناك مخاطر من أن تكرر تركيا سيناريوهات احتلال جديدة كالتي حدثت في أعوام 2016 و2018 و2019، وبالتالي تمزيق سوريا وإقامة كيان أمر واقع تابع لتركيا، ومتجانس طائفياً وعرقياً، على طول الحدود الشمالية يصعب استعادته في أي ظرف وزمان.

ومن ناحية أخرى بحسب الكاتب درويش في “الإدارة الذاتية” تصورات حول تأدية موسكو أدوار وساطة عمليّة تؤدي إلى إنتاج حلول توافقية، حتى وإن بقيت القوات الأمريكية في سوريا، لافتاً إلى أن “الإدارة الذاتية” تعيب على الروس عدم ترجمة أقوالهم الإيجابية تجاه الحوار إلى خطوات عمليّة.

وفي هذا السياق يرى الكاتب الكردي عبد العزيز الحسين أن أي تقارب بين واشنطن وأنقرة بخصوص الانسحاب الأمريكي من الأراضي السورية والتخلي عن “قسد” سيتبعه مباشرة تقارب بين “الإدارة الذاتية” ودمشق بوساطة روسية، إذ إن التعويل التركي وعقد الصفقة مع ترامب يعني مباشرة التخلي عن “قسد” وإحياء المخطط الانفصالي بين “المجلس الوطني الكردي” بزعامة مسعود برازاني وأنقرة، وعليه تتخذ أنقرة نهجاً بالالتفاف على الوسيط الروسي والحكومة بدمشق.

وفي ظل التخوفات الكردي من المستقبل القادم، تشير التقديرات السياسية إلى أن التأخر الكردي في الوصول لاتفاق مع الحكومة السورية ستستفيد منه أنقرة بالضرورة، فسياسة “محاربة الأكراد” ذريعة لمشروع أوسع تسعى إليه أنقرة يمتد من حلب وحتى الحدود العراقية.

د. أحمد الكناني 

اقرأ أيضاً