زياد غصن || أثر برس تعقيباً على استطلاع الرأي الذي نشر مؤخراً على حلقتين في “أثر برس”، تباينت تعليقات وآراء الاقتصاديين والمتابعين للشأن العام بين مؤيد لهذه الخطوة، وإن كان البعض له وجهة نظر أخرى بالقضايا المثارة في استطلاع الرأي أو لا يثق بأن النتائج تعبر فعلاً عن قناعة بعض أعضاء الهيئة التدريسية في كليات الاقتصاد في جامعات سوريا، وبين مشكك بخطوة استطلاع الرأي إما لقناعته بعدم جدواها في ضوء استمرار الحكومة بتطبيق سياسات “تنسف” مسبقاً نتائج الحوارات والنقاشات الدائرة حالياً، أو لاعتقاده أن ما كل ما يجري محاولة لصرف الأنظار عن الأسباب الحقيقية للأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، وفيما يلي بعض التعليقات التي وصلني معظمها بشكل شخصي، علماً أن الكثيرين فضلوا عدم نشر تعليقاتهم وآرائهم لاعتبارات شخصية، وتم احترام رغبتهم مع الشكر على اهتمامهم ومتابعتهم.
نشر بعض التعليقات هدفه توسيع دائرة الحوار وسماع مختلف وجهات النظر حول القضايا المطروحة، والتي تستحوذ اليوم على اهتمامات مختلف الشرائح الاجتماعية الباحثة عن بصيص أمل هنا أو هناك.
الوزير السابق نبيل الملاح يؤكد في تعليق خاص أننا “مازلنا ندور في حلقة مفرغة رغم وضوح المرض؛ لكن المصيبة الكبرى أن الذين تم استطلاع آراءهم لم يتحدث أحد منهم عن المرض الأساسي الذي أصبح واضحا وهو السبب الرئيسي للأزمة الاقتصادية التي انعكست بصورة مباشرة على الأوضاع المعيشية؛ ألا وهو عجوزات الموازنة المتراكمة والمتزايدة بسبب ضخامة الإنفاق وضعف الموارد، وهذه العجوزات هي السبب الحقيقي في انخفاض القوة الشرائية لليرة السورية، وارتفاع الأسعار المستمر وعدم قدرة الدولة على زيادة الرواتب والأجور بالحد الأدنى لتكاليف المعيشة “.
ويتطرق الوزير الملاح إلى مسألة الدعم، فيشير إلى أن “الدعم الذي تقدمه الدولة لبعض السلع كالخبز وبعض الخدمات كالكهرباء ليس منحة تقدمها الدولة للشعب بل هو شكل من أشكال التعويض عن ضعف دخل الفقراء وذوي الدخل المحدود وهم اليوم يمثلون حوالي تسعين بالمئة من الشعب، وأن المساس بمسألة الدعم في هذه المرحلة سيؤدي إلى نتائج كارثية في ظل انتشار الفساد في جميع مؤسسات الدولة”.
الوضع الذي وصلنا إليه لم يعد يحتمل المواربة، وعلى أساتذة الاقتصاد والخبراء أن يجيبوا على سؤالي الذي طرحته أكثر من مرة: “كيفية معالجة عجوزات الموازنة”.
ويختم قائلاً: “إن إيجاد تسوية للأزمة السورية سيؤدي إلى وقف النزيف في مالية الدولة وإعادة دوران عجلة الاقتصاد، أما بالنسبة للإصلاح ومكافحة الفساد فهذا الأمر يجب أن يتم اليوم قبل الغد، وليبدأ بملاحقة الفاسدين الكبار وفق منهجية صارمة”.
من جانبه، المدير العام السابق لمؤسسة التأمينات الاجتماعية يحيى أحمد يعتبر أن “الموضوع في غاية الأهمية، لكن يجب استطلاع رأي أصحاب العمل في مختلف القطاعات (الصناعي والزراعي والتجاري.. إلخ) عندئذ تكون المقاربة واقعية من أهل الخبرة والاختصاص بعيداً عن الآراء النظرية، التي قد تكون من قبل مختصين لكن تنقصهم التجربة ومعاينة الواقع لتشخيص المشكلة وتقديم الحل الناجع، والحقيقة أننا نحتاج إلى معالجة شاملة تشمل السياسات الاقتصادية والمالية والضريبية والمصرفية والزراعية، ومراجعة شاملة للأداء الحكومي، الخلاصة تقاس الأمور بالنتائج وأنت ترى النتائج على كافة الصعد هل هي مرضية؟ أو حتى مقبولة؟.. إذاً هناك (نجاح أم فشل)”.
وبحسب وجهة نظر معاون وزير الكهرباء السابق، نضال قرموشة، وأحد أهم الخبرات في مجال الطاقة الكهربائية، فإن “السبب الأهم هو عدم اتخاذ قرار حاسم من 15 عاماً لرفع أسعار حوامل الطاقة للوصول إلى أسعار الكلفة، وفي الوقت نفسه رفع الرواتب والأجور بما يناسب الاحتياجات المعيشية لكل أسرة، ثم يأتي بعد ذلك السبب أثر الحرب”.
أما نائب رئيس مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية زهير تغلبي فقد وصف الاستطلاع بالجهد الرائع، معتبراً أن “هذا هو دور الصحافة كما ينبغي”، وكذلك فعلت هنا الحسيني عضو مجلس إدارة جمعية العلوم الاقتصادية، التي وصفت “البحث بالممتاز” ولكنها: “تساءلت لو كرر هذا الاستطلاع مع شرائح أخرى.. يا ترى هل تكون النتائج متماثلة؟”
من جانبه الأستاذ عميد كلية الاقتصاد السابق في جامعة دمشق الدكتور عدنان غانم كتب تعليقاً جاء فيه: “بوركت جهودك على هذه الإضاءة الجميلة لنتائج الاستبيان ومناقشة النتائج التي توصلت إليها، والأهم من ذلك ما جاء في الخلاصة في نهاية المقال، آمل في الدراسات القادمة اعتماد الاستبيان المغلق والمفتوح لإتاحة الفرصة لإبداء الرأي في الإجابة عن السؤال المطروح وإمكانية توزيع الاستبيان في غرف التجارة والصناعة وغيرها لمعرفة تقارب وجهات النظر أو ابتعادها حول القضايا المطروحة وإعداد ندوة اقتصادية لمناقشة النتائج المتوصل إليها”.
وكما هو معتاد، فإنه لم يرد أي رد حكومي إيجابي أو سلبي خلال اليومين الأخيرين على نتائج الاستبيان المفترض أن تجريه الحكومة نفسها لو كانت حريصة فعلاً على تطبيق مفهوم التشاركية في مناقشة السياسات الاقتصادية وصناعة القرار الاقتصادي، لاسيما في هذه المرحلة الصعبة، ومع ذلك نأمل أن تدرس نتائج هذا الاستبيان أو أن تبادر إلى إجراء استبيانات أوسع للوقوف على رأي جميع الشرائح الاجتماعية ووجهات نظرها بالواقع الراهن والسياسات المطروحة.