أثر برس

كتب زياد غصن: بالأرقام.. مستورداتنا بين عامين: الكميات على حالها وأسعار السلع ترتفع

by Athr Press B

زياد غصن ـ خاص|| أثر برس 

مع اندلاع الأزمة الأوكرانية وما تبعها من أزمات اقتصادية عالمية، تعاظم حديث المسؤولين والتجار في بلدنا عن الأثر السلبي لتلك الأزمات على أسعار السلع والمنتجات المطروحة في الأسواق المحلية، ولدرجة أن هناك من بات يحملها كامل المسؤولية إلى جانب تداعيات العقوبات الغربية عن موجات الغلاء المتتالية خلال الأشهر الماضية، متناسياً أسباباً وعوامل أخرى كثيرة لا تقل مسؤولية وتأثيراً.

لكن إلى اليوم ليست هناك دراسة تحليلية تفصل بوضوح وموضوعية نسب الارتفاع الحاصلة في الأسواق العالمية وأثرها على المستوردات السورية تبعاً لكل سلعة، وهو ما يجعل من كلام المسؤولين الحكوميين والمستوردين غير مقنع لدى شريحة واسعة من المهتمين بالشأن العام، ومثار سخرية وتندر من قبل الشارع الشعبي.

هذه محاولة بسيطة للوقوف على حجم التغير الذي طرأ على أسعار بعض المستوردات الأساسية من سلع غذائية وغير غذائية، وذلك من خلال القيام باختيار عشر سلع رئيسية جرى استيرادها منذ بداية العام الحالي ولنهاية الشهر التاسع منه، ومن ثم حساب متوسط سعر كل طن منها ومقارنته بمتوسط سعر الطن للمستوردات نفسها من الفترة المقابلة لها في العام الماضي.

نبدأ بمستوردات مادة السكر، والتي تشير البيانات الرسمية إلى أننا استوردنا كمية قدرها حوالي 323.8 ألف طن، وبقيمة تتجاوز 179 مليون يورو، وبذلك فإن متوسط سعر الطن الواحد يبلغ حوالي 553 يورو ـ وبزيادة نسبتها 31.3% عن متوسط سعر الطن خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

المادة الثانية هي الأرز، وقد سجلت البيانات الرسمية استيراد 88.2 ألف طن وبقيمة قدرها 72.27 مليون يورو، وتالياً فإن متوسط سعر الطن الواحد يبلغ حوالي 818.27 يورو، وبزيادة لا تقل عن 43% مقارنة بمتوسط سعر الطن في العام الماضي.

نبقى في المواد الغذائية، ونستعرض معاً الزيوت الخامية، والتي وصلت مستورداتها في الفترة المشار إليها إلى حوالي 106.8 ألف طن بقيمة وصلت إلى أكثر من 144.7 مليون يورو، أي أن متوسط سعر الطن وصل إلى 1355.4 يورو. وبالمقارنة مع متوسط سعر الطن في العام الماضي نجد أن هناك زيادة قدرها 53.19%. وفي السياق نفسه نشير إلى مستوردات بذور فول الصويا، والتي بلغت كمياتها المستوردة حوالي 41.9 ألف طن وقيمتها حوالي 27.6 مليون يورو، وليكون بذلك متوسط سعر الطن الواحد حوالي 659.5 يورو، ومسجلاً زيادة وقدرها 16.8% عن العام الماضي.

أما البن، والذي بلغ حجم مستوردات البلاد منه حوالي 20 ألف طن وبقيمة تجاوزت بقليل 40 مليون يورو، فإن متوسط سعر الطن هذا العام زاد عن العام الماضي بنسبة 11.31%. وحده حليب البودرة المجفف، والبالغ كمياته المستوردة حوالي 11.8 ألف طن وبقيمة قدرها 32.1 مليون يورو، لم تتجاوز نسبة الزيادة في متوسط سعر الطن أكثر من 1.17%.

بالانتقال إلى المستوردات غير الغذائية، فإن الزيادة في متوسط سعر الطن سجلت هي الأخرى نسبة ليست بالقليلة، فمثلاً سجلت مستوردات الذرة العلفية زيادة في متوسط سعر طنها لهذا العام نسبة وقدرها 33.8%، إذ تظهر البيانات الرسمية أن مستوردات الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي ما كميته 379.6 ألف طن وما قيمته 122.8 مليون يورو، في حين أن مستوردات البلاد من المواد الأولية الكيميائية المخصصة للصناعة، والتي بلغت كميتها 153.8 ألف طن وبقيمة 120.1 مليون يورو، فإن متوسط سعر الطن منها هذا العام بلغ حوالي 781 يورو وبنسبة زيادة عن العام الماضي قدرها 28.7%.

ثالث المستوردات غير الغذائية، التي تم اختيارها للإضاءة، هي مادة الأقمشة، وقد بلغت نسبة الزيادة في متوسط سعر الطن حوالي 21.5% وذلك مقارنة متوسط سعر الفترة نفسها من العام الماضي، والمادة الأخيرة هنا كانت صفائح الحديد بأنواعها المختلفة، والتي وصل حجم مستورداتها إلى حوالي 105.4 ألف طن وبقيمة قدرها 79.2 مليون يورو، وبذلك فإن متوسط سعر الطن المستورد من هذه المادة يبلغ حوالي 751.3 يورو بزيادة قدرها 18.% عن متوسط السعر خلال الفترة نفسها من العام الماضي.

وبناء على ما تقدم، فإنه يمكن تسجيل بعض الملاحظات التي تحتاج إلى بحث معمق منها:

-اعتمدنا في محاولة تلمس ملامح الزيادة التي حصلت على أسعار السلع والمنتجات المستوردة على متوسط سعر الطن، وتالياً فإن هذا المتوسط هب لأغراض حسابية وبحثية، بينما فعلياً فإن الرقم قد يزيد عن ذلك، لاسيما مع بداية الربع الثاني من العام الحالي، حيث بدأت متغيرات الأسواق العالمية تتضح وتتفاعل أكثر.

-أحد الأسئلة المطروحة يتعلق بمدى موضوعية الزيادات السعرية التي طرأت على المستوردات السورية، وتحديداً لجهة مقارنتها بنسب الزيادة المتحققة في الأسواق العالمية. وهذا يتيح الوقوف بدقة على الأسباب الحقيقة لارتفاع التكاليف.

-التفاوت الحاصل في نسب الزيادة الحاصلة في أسعار المواد الغذائية يطرح تساؤلات عن بعض أسباب ذلك، هل هو فعلاً الطلب على السلع عالميا وأسعارها في البورصة أم أن ذلك له علاقة بالمستوردين لدينا، فمثلاً لماذا ارتفع متوسط سعر طن الأرز إلى حوالي 43% فيما سعر طن حليب البودرة المجفف لم يزداد بأكثر من 1.17%.

اقرأ أيضاً