أثر برس

لحوم السورية للتجارة: لماذا تباع بأسعار أقل من السوق؟

by Athr Press

خاص|| أثر برس ربما تكون صالات اللحوم وحدها فعلاً التي تحقق شعار التدخل الإيجابي الذي رفعته السورية للتجارة، فهذه الصالات المنتشرة ضمن مراكز معظم المحافظات تبيع منتجاتها من اللحوم الحمراء بأسعار تقل بشكل واضح عن أسعار السوق، الأمر الذي جعل منها مقصداً للعديد من المستهلكين المقتدرين في هذه الظروف على شراء اللحوم.

نجاح صالات اللحوم بالبيع بأسعار منافسة وفشل المجمعات والصالات الأخرى التابعة للمؤسسة، المعنية ببيع السلع الغذائية وغير الغذائية في تقليدها، يطرح تساؤلاً هاماً: ما هو سر انخفاض أسعار اللحوم في صالات السورية للتجارة؟

في جولة على صالات اللحوم في مراكز المؤسسة السورية للتجارة بتاريخ إعداد هذا التحقيق، سجلت أسعار اللحوم في تلك الصالات ما يلي: سعر كيلو هبرة العجل المفرومة 140 ألف ليرة، والمسوفة 80 ألف ليرة، أما في المحال الخاصة فإن سعر الكيلو يتراوح بين 160-190 ألف ليرة، أما لحوم الغنم سجلت في صالات السورية حوالي 180 ألف للهبرة والشقف، الهبرة المفرومة 160 ألف، في حين يتراوح سعر الكيلو في الأسواق 200 – 280 ألف ليرة، علماً أن تسعيرة كل محل تختلف عن الأخرى.

التراجع كبير:

لتكن بدايتنا أولاً من محلات بيع اللحوم لمعرفة وجهة نظر الباعة فيها حيال أسعار صالات السورية، أحد باعة اللحوم في سوق باب سريجة أشار في حديثه لـ “أثر برس” إلى أن صالات اللحوم في السورية للتجارة ساهمت بشكل كبير بتراجع ومحدودية حركة البيع لديهم بسبب أسعارها التي تقل كثيراً عن أسعارهم، ويمكن القول إنه في الفترة الأخيرة تراجعت عمليات الشراء لدى هذه المحال بنسبة 70%”.

وختم حديثه قائلاً: “شو هاللحمة يلي عم يبيعوها، لحتى عم تنباع بهذا الرخص”.

بائع آخر كان له وجهة نظر مختلفة، إذ قال في حديثه لـ”أثر” إن “السورية للتجارة فرضت هيمنتها على مسلخ اللحوم، فتأخذ حصتها اليومية وتبيع الباقي لعدد من التجار الذين يتحكمون بسعر البيع، وبالتالي تضاف قيمة البيع للتاجر وقيمة الربح لتصل اللحوم لأصحاب المحال، وبهذا يعتبر صاحب المحل الحلقة الثالثة أو الرابعة من عملية البيع هذه، بينما السورية للتجارة هي الحلقة الأولى وبهذا تنخفض أسعارها”، مضيفاً أن صالات السورية معفيّة من رسوم الإيجار والضرائب والاشتراكات والغرامات المالية، والتي تشكل عبئاً كبيراً على أصحاب المحالات الخاصة”.

أولى الحلقات:

أولى حلقات البحث عن أسباب انخفاض أسعار لحوم السورية أو التي تتيح للسورية البيع بأسعار منافسة تكمن في مربي الأغنام والأبقار والعجول، فأسعار اللحوم الحية تشكل المدخل الأول في احتساب تكاليف مبيع اللحوم وهناك أسباب عدة تؤثر في مبيع أسعار اللحوم الحية، فبحسب ما يقول أحد مربي الأغنام في ريف دمشق فإن أسعار مبيع المواشي يحددها التجار الكبار، فسعر الكيلو الحي من الأغنام يتراوح بين 68  – 80 ألف، تبعاً للعمر وللوزن وللصحة، وهذا ظلم للمربين الذين لديهم أعداد قليلة مقارنة بغيرهم، متابعاً: هناك بائعون يبيعون أعداداً كبيرة من الأغنام للسورية للتجارة، لكن إلى درجة تخلو عمليات البيع هذه من أي مخالفات أو تجاوزات من حيث صحة الأغنام ووزنها؟

مربّ آخر للأبقار والعجول اعتبر أن اللحامين يربحون أكثر من المربين، الذين يعانون من ارتفاع تكاليف تربية رؤوس الأغنام والأبقار والعجول من أعلاف، أدوية بيطرية، معينة طبية، نقل وهذه التكاليف تبلغ نسبتها حوالي 80% من إجمالي التكاليف، حيث يبلغ سعر كيلو العجل الحي من 58-62  ألف، أما كيلو البقر الحي من 50-55 ألف ليرة، مضيفاً أن “كبار المربين يتعاملون مع السورية للتجارة وبذلك يحققون نسبة بيع كبيرة ويستحوذون على السوق ويضبطون الأسعار بحسب ما يروون، وبهذا نضطر نحن للبيع بأسعارهم وإلا فإن حركة البيع لدينا ستتوقف”.

إذا يمكن هنا وضع احتمال لأسباب انخفاض أسعار اللحوم في السورية للتجارة يتمثل في أن المؤسسة -وكما قال المربون- تشتري بشكل مباشر من المربين، وهذا يعني إبعاد العديد من الحلقات الوسيطة وعمولتها وأرباحها.

لا خسارة!

وما يدفع نحو الوقوف على أسباب الأسعار المنخفضة لصالات اللحوم في السورية ما قاله أحد مديري الصالات لـ”أثر برس” من أنه لا توجد خسارة في أعمال الصالات، لاسيما وأن جميع كميات اللحوم تباع بشكل كامل، والأهم أن هذه الصالات تدار من قبل إدارة المؤسسة وغير ممنوحة لمستثمرين من القطاع الخاص كما يشاع، لكن هذا المدير تهرب من الإجابة على الكثير من التساؤلات التي تم طرحها عليه ولم يتجاوب مع محرر المقال.

وكما هي العادة، فإن المؤسسة تتهرب من مقابلة الصحفيين والإجابة على تساؤلاتهم وجل ما حصلنا عليه بعد محاولات عدة بعض التوضيحات من مصدر في المؤسسة السورية للتجارة فضل عدم ذكر اسمه، وبحسب ما أوضح فإن عدد الصالات المخصصة لبيع اللحوم في العاصمة دمشق عددها 8 صالات للبيع المباشر (الطازج)، و20 صالة بيع موضب، أما في ريف دمشق فهناك 7 صالات بيع مباشر و 25 صالة بيع موضب، وفي باقي المحافظات هناك 5-6 صالات بكل محافظة بين صالات بيع طازج وموضب، وعن طبيعة استثمار الصالات أكد أن جميعها مشغلة من قبل فروع المؤسسة كوادرها.

وحول كميات اللحوم المباعة في صالات السورية للتجارة، أكد المصدر أن كمية اللحوم المباعة متغيرة بحسب الأسواق وفترة الأعياد والمناسبات وغيرها، وتقدر بحوالي 75 طن شهرياً في جميع المحافظات، حيث في دمشق يباع تقريباً 25 طن وفي ريف دمشق 12 طن تقريباً، نتيجة الإقبال الكبير من قبل المستهلكين على الشراء من صالات المؤسسة لثقة المواطن بمصدر المادة وجودتها وانخفاض أسعارها مقارنة بالأسواق.

وتابع شارحاً: نقوم باستجرار المادة بدءاً من المربين مباشرة ويتم الذبح ضمن المسلخ الفني بدمشق بإشراف كادر من أطباء بيطريين وفنيين مختصين وكذلك يتم توضيب اللحوم وتجهيزها للبيع ضمن مركز التوضيب التابع للمؤسسة بإشراف كادر فني متخصص، ويتم نقل اللحوم إلى مراكز البيع بسيارات المؤسسة أيضاً حيث تتم كامل العملية دون وجود أي حلقات وسيطة مما يؤدي لانخفاض أسعار اللحوم نتيجة انخفاض التكاليف وهامش الربح.

وأضاف: تركز المؤسسة في عملية طرح مادة اللحوم ضمن دمشق وريفها ضمن الإمكانيات المتاحة حالياً كون مصدر اللحوم هو المسلخ الفني بدمشق، أما باقي المحافظات فيتم تزويدها بالمادة بحسب الكميات المتوفرة، وتبعاً لشروط تحقيق الغاية المرجوة من طرح هذه المادة في الأسواق.

وعن حجم تكاليف وأسعار اللحوم بيّن المصدر أنها متغيرة بحسب حالة الأسواق وأعداد المواشي وأسعار الأعلاف وغيرها من التكاليف كالنقل والتبريد والذبح والتوضيب وغيرها.

لا مخالفات!

من المتعارف عليه أن جل عمليات الغش في الأسواق المحلية تكمن في مبيعات اللحوم، سواء عبر عمليات التلاعب بنوعية اللحوم أو نسب الدهون فيها أو حتى الذبح خارج المسلخ ومن دون موافقة صحية وما إلى ذلك، وبالتالي فإن الحلقة الأخيرة في تتبع ملف اللحوم في السورية للتجارة هي في المخالفات التموينية المسجلة، فالصالات كانت لفترة ما خارج دائرة دوريات حماية المستهلك بقرار من أحد الوزراء ثم سمح للدوريات بمراقبة جميع صالات السورية للتجارة من دون استثناء، وفي هذا السياق يؤكد مصدر في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك لـ “أثر” أنه لا توجد مخالفات في صالات بيع اللحوم ضمن المؤسسة السورية للتجارة كون الأسعار أرخص من الأسواق ويتم الذبح في مسلخ الدولة أي تحت الرقابة الصحية التابعة للمحافظة.

وأكمل تصريحه قائلاً: بالنسبة للحوم الجاهزة (المفرومة مسبقاً)، فإن المؤسسة باعتبارها مؤسسة قطاع عام فهي مراقبة بشكل مكثف ولذلك يسمح لصالات اللحوم فيها بفرم اللحوم بشكل مسبق، بالنظر إلى أن الإقبال الكبير على صالات اللحوم في المؤسسة السورية للتجارة يؤدي إلى الضغط على العاملين فيها، لذلك يفرمون كميات محددة وليس كميات كبيرة.

وكشف المصدر أن اللحوم الموضبة “المجمدة” تخضع للرقابة الصحية في محافظة دمشق، ويوجد دكتور بيطري وتفرم اللحوم وتبرد بشكل نظامي وتوزع للصالات للبيع، أما في محلات اللحوم الخاصة فإن صاحب المحل هو من يقوم أحياناً بالذبح، وممارسة عمليات الغش المختلفة، والحديث هنا عن البعض وليس عن الجميع.

أمير حقوق

اقرأ أيضاً