خاص|| أثر برس عادت سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية بعد 12 عاماً من تجميد مقعدها وفرض العزلة عليها، وذلك بعد اجتماعات تشاورية عدة جرت في العواصم العربية لمناقشة الملف السوري.
وأكد نص القرار رقم 8914 الذي أعلنت فيه الجامعة العربية عودة سوريا إلى مقعدها، على عدة نقاط أبرزها “الحفاظ على وحدة سوريا وسيادة الدولة السورية، والالتزام بالبيانات العربية الصادرة عن اجتماع جدة بشأن سوريا يوم 14 نيسان 2023، واجتماع عمان بشأن سوريا يوم الأول من أيار 2023، والتأكيد على ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وتشكيل لجنة اتصال وزارية مكونة من وزراء خارجية”الأردن، السعودية، العراق، لبنان، مصر” بالإضافة للأمين العام، لمتابعة تنفيذ بيان عمّان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل لحل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها، إلى جانب “استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتباراً من يوم 7 أيار 2023”.
ماذا يعني عودة سوريا إلى الجامعة العربية؟
تؤكد التقديرات أن العودة إلى الجامعة العربية، تعني انتقال آلية التعامل العربي مع سوريا إلى مرحلة جديدة، وفي هذا الصدد قال المحلل السياسي الدكتور أحمد الدرزي، في حديث لـ”أثر”: “إن هذا القرار يعني أن هناك توافقات عربية وتوافقات إقليمية على إخراج سوريا من مأزقها، الذي امتد على الجميع بشكل متفاوت بين دولة وأخرى، ما يعني أننا ذاهبون باتجاه توافقات على وضع سوريا القادم ضمن إطار حل سياسي داخلي وخارجي يتيح لسوريا الخروج من مشاكلها”.
بدوره أشار أستاذ الدراسات الدولية في جامعة صن يات سين، الدكتور شاهر الشاهر، في حديث لـ”أثر” إلى أن هذه الخطوة جاءت تطبيقاً للمبادرة الأردنية “خطوة بخطوة” والتي طرحها ملك الأردن عبد الله الثاني، خلال لقائه بالرئيس الأمريكي جو بايدن، في تموز 2021 والتي تعتمد على مبدأ الانفتاح على سوريا مقابل تحقيق مطالب محددة، مشدداً على أن تنفيذ مطالب عربية محددة من سوريا لا يعني تقديم تنازلات، وقال: “من بديهيات السياسة أنه لا يوجد شيء من دون مقابل، والقول أن سوريا قدمت شي لا يعني تنازل، فالعالم كله يتغيير والاتفاق الإيراني- السعودي لعب دور كبير في تقريب وجهات النظر بين سوريا والدول العربية”.
وأضاف أن “عودة سوريا إلى الجامعة العربية سيتبعها خطوات عربية أخرى وخطوات مقابلة من الجانب السوري”.
الحديث عن المبادرة الأردنية وتأثيرها في حسم قرار عودة دمشق إلى الجامعة العربية، ترجمه البيان الختامي الذي أصدره الاجتماع الذي عُقد قبل أيام ، بحضور وزراء خارجية سوريا والسعودية والأردن ومصر في عمّان، والذي ركّز على ضبط الأمن والحدود لتحديد مصادر إنتاج المخدرات في سوريا وتهريبها، والبدء باتخاذ خطوات جدية لإعادة اللاجئين، بالإضافة إلى العمل على استئناف أعمال لجنة مناقشة الدستور في أقرب وقت ممكن وتشكيل فريق فني على مستوى الخبراء لمتابعة مخرجات هذا الاجتماع وتحديد الخطوات القادمة لمعالجة الأزمة السورية وتداعياتها”.
ماذا عن الاقتصاد؟
في أي تحوّل سياسي أو ميداني سوري، تتوجه أنظار السوريين إلى الجانب الاقتصادي، وذلك في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد، والعقوبات الأمريكية التي تمنع أي جهة من الاستثمار في سوريا، وفي هذا السياق يؤكد الدكتور أحمد الدرزي أن “الملف الاقتصادي مرتبط بشكل كبير بالخطوات المتبادلة ما بين الحكومة السورية وبين الدول العربية” مشيراً إلى أن “هناك متطلبات لكل طرف من الأطراف وهناك شروط متبادلة”.
فيما يشير الشاهر، إلى أنه من شأن خطوات التقارب العربي من سوريا أن يخفف بعض الأعباء على انتقال البضائع السورية، مشيراً إلى أن القيود التي كانت تفرضها السعودية على الشاحنات السورية، سيتم تخفيفها إلى حد كبير، وبالتالي الانفتاح السوري على السوق الخليجية.
وفيما يتعلق بالعقوبات الأمريكية، أشار الدكتور شاهر الشاهر، إلى أن التجميد الأمريكي لبعض العقوبات الأمريكية بعد الزلزال لفترة مؤقته من شأنه أن يفتح المجال أمام دول عربية للتعاون الاقتصادي مع سوريا.
وتؤكد التقديرات أن عودة سوريا إلى الجامعة تندرج ضمن جملة التحركات العربية المستجدة إزاء سوريا، والتي كانت نتاج التغيرات الإقليمية والدولية التي شهدتها التحالفات الخارجية لمعظم دول المنطقة.
زهراء سرحان